وأمته ، على جهة التوقيف والتعجيب : فكيف حال هؤلاء المغترّين بالأباطيل ، إذا حشروا يوم القيامة ، واضمحلّت تلك الزخارف والدعاوى ، وجوزوا بما اكتسبوه من كفرهم ، وأعمالهم القبيحة ، قال ابن عطيّة : والصحيح في يوم القيامة أنّه يوم ؛ لأنّ قبله ليلة ، وفيه شمس (١) ، وقال النقّاش : المراد باليوم الوقت.
(قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٢٧) لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (٢٨) قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(٢٩)
وقوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ ...) الآية : هو سبحانه وتعالى مالك الملك كلّه مطلقا في جميع أنواعه ، وأشرف ملك يؤتيه عباده سعادة الآخرة ، روي أنّ الآية نزلت بسبب أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم بشّر أمّته ؛ بفتح ملك فارس وغيره ، فقالت اليهود والمنافقون : هيهات ، وكذّبوا بذلك.
ومذهب البصريّين أن الأصل في «اللهمّ» : يا الله ، فعوّض من ياء النداء ميما مشدّدة.
و «مالك» : نصب على النداء ، وخص تعالى الخير بالذكر ، وهو تعالى بيده كلّ شيء ؛ إذ الآية في معنى دعاء ورغبة ، فكأنّ المعنى : بيدك الخير فأجزل حظّي منه ، قال النوويّ : وروّينا في كتاب «التّرمذيّ» وغيره ، عن عمر بن الخطّاب (رضي الله عنه) ؛ أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم / قال : «من دخل السّوق ، فقال : لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو حيّ لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كلّ شيء قدير ـ كتب الله له ألف ألف حسنة ، ومحا عنه ألف ألف سيّئة ، ورفع له ألف ألف درجة» (٢) ، ورواه الحاكم أبو عبد الله في «المستدرك على الصّحيحين» ؛ من طرق كثيرة ، وزاد فيه في بعض طرقه : «وبنى له بيتا في الجنّة» قال الحاكم : وفي الباب ، عن جابر ،
__________________
(١) ذكره ابن عطية (١ / ٤١٤)
(٢) أخرجه الترمذي (٥ / ٤٩١) ، كتاب «الدعوات» ، باب ما يقول إذا دخل السوق ، حديث (٣٤٢٨) ، (٣٤٢٩) ، وابن ماجة (٢ / ٧٥٢) ، كتاب «التجارات» ، باب الأسواق ودخولها ، حديث (٢٢٣٥) ، والحاكم (١ / ٥٣٩) من حديث عمر بن الخطاب.