الإطلاق ، والمستوي في الأفعال ، والأقوال ، والمحبّة ، والجماع ، وغير ذلك ، «وكان صلىاللهعليهوسلم يقسم بين نسائه ، ثمّ يقول : اللهمّ ، هذا فعلي فيما أملك ، فلا تؤاخذني بما تملك ، ولا أملك» (١).
فوصف الله سبحانه حالة البشر ؛ أنهم بحكم الخلقة لا يملكون ميل قلوبهم إلى بعض الأزواج ، دون بعض ، ثم نهى سبحانه عن الميل كلّ الميل ، وهو أن يفعل فعلا يقصده من التفضيل ، وهو يقدر ألّا يفعله ، فهذا هو كلّ الميل ، وإن كان في أمر حقير.
وقوله سبحانه : (فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ) ، أي : لا هي أيّم ، ولا ذات زوج ، وجاء في التي قبل : (وَإِنْ تُحْسِنُوا) ، وفي هذه : (وَإِنْ تُصْلِحُوا) ؛ لأن الأولى في مندوب إليه ، وفي هذه في لازم ؛ إذ يلزمه العدل فيما يملك.
(وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً)(١٣٠)
وقوله تعالى : (وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ ...) الآية : إن شحّ كلّ واحد من الزوجين ، فلم يتصالحا ، لكنهما تفرّقا بطلاق ، فإن الله تعالى يغني كلّ واحد منهما عن صاحبه بفضله ، ولطائف صنعه في المال ، والعشرة ، والسّعة ، وجود المرادات ، والتمكّن منها ، والواسع : معناه : الذي عنده خزائن كلّ شيء.
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً (١٣١) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (١٣٢) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً)(١٣٣)
وقوله سبحانه : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) : تنبيه على موضع الرجاء لهذين المفترقين ، ثم جاء بعد ذلك قوله : (وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ؛ تنبيها على استغنائه عن العباد ، ومقدّمة للخبر بكونه غنيّا حميد ، ثم جاء بعد
__________________
(١) أخرجه أبو داود (١ / ٦٤٨) في النكاح : باب في القسم بين النساء (٢١٣٤) ، والترمذي (٣ / ٤٤٦) في النكاح : باب ما جاء في التسوية بين الضرائر (١١٤٠) ، وابن ماجة (١ / ٦٣٤) في النكاح : باب القسمة بين النساء (١٩٧١) ، والنسائي في «عشرة النساء» (٧ / ٦٣ ـ ٦٤) : باب ميل الرجل إلى بعض نسائه دون بعض ، وأحمد (٦ / ١٤٤) ، وابن أبي شيبة (٤ / ٣٨٦ ـ ٣٨٧) ، وابن حبان (١٣٠٥ ـ موارد) ، والحاكم (٢ / ١٨٧) ، والبيهقي (٧ / ٢٩٨) ، والدارمي (٢ / ١٤٤) من حديث عائشة ، وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي.