ذلك قوله : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) مقدّمة للوعيد ، فهذه وجوه تكرار هذا الخبر الواحد ثلاث مرّات متقاربة.
ت : وفي تمشيته هذه عندي نظر ، والأحسن بقاء الكلام على نسقه فقوله (رحمهالله) : «تنبيه على موضع الرّجاء لهذين المفترقين» ـ حسن ، وإنما الذي فيه قلق ما بعده من توجيهه.
وقوله تعالى : (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ ...) الآية : لفظ عامّ لكل من أوتي كتابا ، فإنّ وصيّته سبحانه لعباده لم تزل منذ أوجدهم.
ت : قال الأستاذ أبو بكر الطّرطوشيّ (١) في «سراج الملوك» / : ولما ضرب ابن ملجم (٢) عليّا (رضي الله عنه) ، أدخل منزله ، فاعترته غشية ، ثم أفاق ، فدعا أولاده ؛
__________________
(١) هو محمد بن الوليد بن محمد بن خلف القرشي. الفهري. الأندلسي ، أبو بكر الطرطوشي ولد سنة ٤٥١ ه ١٠٥٩ م وتوفي سنة ٥٢٠ ه ١١٢٦ م ، ويقال له : ابن أبي رندقة : أديب ، من فقهاء المالكية ، الحافظ. من أهل طرطوشة بشرقي الأندلس. تفقه ببلاده ، ورحل إلى المشرق سنة ٤٧٦ فحج وزار العراق ومصر وفلسطين ولبنان ، وأقام مدة في الشام ، وسكن الإسكندرية ، فتولى التدريس واستمر فيها إلى أن توفي. وكان زاهدا لم يتشبث من الدنيا بشيء. من كتبه : «سراج الملوك ـ ط» و «التعليقة» في الخلافيات ، وكتاب كبير عارض به إحياء علوم الدين للغزالي ، و «بر الوالدين» و «الفتن» و «الحوادث والبدع» و «مختصر تفسير الثعلبي ـ خ» و «المجالس ـ خ» في الرباط.
ينظر : «الأعلام» (٧ / ١٣٣ ـ ١٣٤) ، و «وفيات الأعيان» (١ / ٤٧٩)
(٢) هو عبد الرّحمن بن ملجم المرادي التدؤلي الحميري توفي سنة ٤٠ ه ٦٦٠ م : فاتك ثائر ، من أشداء الفرسان. أدرك الجاهلية ، وهاجر في خلافة عمر ، وقرأ على معاذ بن جبل فكان من القراء وأهل الفقه والعبادة ، ثم شهد فتح مصر وسكنها فكان فيها فارس بني تدؤل ، وكان من شيعة علي بن أبي طالب وشهد معه صفين. ثم خرج عليه ؛ فاتفق مع «البرك» و «عمرو بن بكر» على قتل عليّ ، ومعاوية ، وعمرو بن العاص ، في ليلة واحدة (١٧ رمضان) وتعهد البرك بقتل معاوية ، وعمرو بن بكر بقتل عمرو بن العاص ، وتعهد ابن ملجم بقتل علي ، فقصد الكوفة واستعان برجل يدعى شبيبا الأشجعي ، فلما كانت ليلة ١٧ رمضان كمنا خلف الباب الذي يخرج منه عليّ لصلاة الفجر ، فلما خرج ، ضربه شبيب فأخطأه ، فضربه ابن ملجم فأصاب مقدم رأسه ، فنهض من في المسجد ، فحمل عليهم بسيفه فأفرجوا له ، وتلقاه المغيرة بن نوفل بقطيفة رمى بها عليه وحمله وضرب به الأرض وقعد على صدره. وفر شبيب. وتوفي عليّ من أثر الجرح. وفي آخر اليوم الثالث لوفاته أحضر ابن ملجم بين يدي الحسن فقال له : والله لأضربنك ضربة تؤديك إلى النار. فقال ابن ملجم : لو علمت أن هذا في يديك ما اتخذت إلها غيرك! ثم قطعوا يديه ورجليه ، وهو لا ينفك عن ذكر الله. فلما عمدوا إلى لسانه شق ذلك عليه ، وقال : وددت أن لا يزال في بذكر الله رطبا. فأجهزوا عليه ، وذلك في الكوفة. وقيل : أحرق بعد قتله. ينظر : «الأعلام» (٣ / ٣٣٩)