بمعنى القسط.
وقوله تعالى : (وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا ...) الآية : قال ابن عبّاس : هي في الخصمين يجلسان بين يدي القاضي ، فيكون ليّ القاضي وإعراضه لأحدهما على الآخر (١) ، وقال ابن زيد وغيره : هي في الشّهود يلوي الشهادة بلسانه ، أو يعرض عن أدائها (٢).
قال ع (٣) : ولفظ الآية يعمّ القضاء والشّهادة ، والتوسّط بين النّاس ، وكلّ إنسان مأخوذ بأن يعدل ، والخصوم مطلوبون بعدل ما في القضاة ، فتأمّله ، وقد تقدّم تفسير اللّيّ ، وباقي الآية وعيد.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً)(١٣٦)
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ...) الآية : اختلف من المخاطب بهذه الآية :
فقيل : الخطاب للمؤمنين ، ومضمّن هذا الأمر الثبوت والدوام ، وقالت فرقة : الخطاب لأهل الكتابين ، ورجّحه الطبريّ ، وقيل : الخطاب للمنافقين ، أي : يا أيها الّذين آمنوا في الظّاهر ، ليكن إيمانكم حقيقة.
وقوله سبحانه : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ ...) إلى آخر الآية : وعيد ، وخبر مضمّنه تحذير المؤمنين من حالة الكفر.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً)(١٣٧)
وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ...) الآية : قال مجاهد ، وابن زيد : الآية في المنافقين ، فإنّ منهم من كان يؤمن ، ثم يكفر ، ثم يؤمن ، ثم يكفر ، ثم ازداد كفرا ؛ بأن تمّ على نفاقه حتى مات.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٣٢٢) ، برقم (١٠٦٨٨) ، وذكره ابن عطية (٢ / ١٢٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٤١٣) ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وأحمد في «الزهد» ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي نعيم في «الحلية».
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٣٢٣) برقم (١٠٦٩٦) ، وذكره ابن عطية (٢ / ١٢٣)
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٢ / ١٢٣)