وفي «صحيح البخاريّ» ، عن أبي هريرة ، قال : قال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يؤذي جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت» (١). انتهى.
«وسميع عليم» : صفتان لائقتان بالجهر بالسوء ، وبالظلم أيضا ، فإنه يعلمه ويجازي عليه ، ولما ذكر سبحانه عذر المظلوم في أن يجهر بالسوء لظالمه ، أتبع ذلك عرض إبداء الخير ، وإخفائه ، والعفو عن السّوء ، ثم وعد عليه سبحانه بقوله : (فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً) وعدا خفيّا تقتضيه البلاغة ، ورغّب سبحانه في العفو ؛ إذ ذكر أنها صفته مع القدرة على الانتقام.
قال ع (٢) : ففي هذه الألفاظ اليسيرة معان كثيرة لمن تأمّلها ، قال الدّاووديّ : وعن ابن عمر ؛ أنه قال : لا يحب الله سبحانه أن يدعو أحد على أحد إلّا أن يظلم ، فقد رخّص له في ذلك. انتهى.
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (١٥٠) أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (١٥١) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)(١٥٢)
__________________
(١) أخرجه البخاري (١٠ / ٥٤٨) ، كتاب «الأدب» ، باب إكرام الضيف وخدمته ، حديث (٦١٣٦) ، ومسلم (١ / ٦٨) كتاب «الإيمان» ، باب الحث على إكرام الضيف ، حديث (٧٥ / ٧٤) ، وابن ماجة (٢ / ١٣١٣) كتاب «الفتن» ، باب كف اللسان في الفتنة ، حديث (٣٩٧١) من طريق أبي حصين ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة مرفوعا.
وأخرجه البخاري (١١ / ٣١٤) ، كتاب «الرقاق» ، باب حفظ اللسان ، حديث (٦٤٧٥) ، ومسلم (١ / ٦٨) ، كتاب «الإيمان» ، باب الحث على إكرام الجار ، حديث (٤٧) ، وأبو داود (٢ / ٧٦٠ ـ ٧٦١) كتاب «الأدب» ، باب في حق الجوار ، حديث (٥٤ : ٥) ، والترمذي (٤ / ٥٦٩) ، كتاب «صفة القيامة» ، باب إكرام الضيف ، حديث (٢٥٠٠) ، وأحمد (٢ / ٢٦٧) ، والبغوي في «شرح السنة» (٧ / ٣٣٦ ـ بتحقيقنا) كلهم من طريق الزهري ، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن ، عن أبي هريرة مرفوعا.
وأخرجه البخاري (٩ / ١٦١) ، كتاب «النكاح» ، باب الوصاة بالنساء ، حديث (٥١٨٥) ، ومسلم (٢ / ١٠٩١) ، كتاب «الرضاع» ، باب الوصية بالنساء ، حديث (٦٠ / ١٤٦٨) ، والبيهقي (٧ / ٢٩٥) ، كتاب «القسم والنشوز» ، باب حق المرأة على الرجل ، وأبو يعلى (١١ / ٨٥ ـ ٨٦) رقم (٦٢١٨) من طريق أبي حازم عن أبي هريرة.
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٢ / ١٣٠)