ورسوله إلّا فتحت له أبواب الجنّة الثّمانية ، يدخل من أيّها شاء» ، وأخرجه الترمذيّ من حديث أبي إدريس الخولانيّ ، عن عمر ، زاد في آخره : «اللهمّ ، اجعلني من التّوّابين ، واجعلني من المتطهّرين» (١). انتهى مختصرا.
واختلف اللغويّون في (الْكَعْبَيْنِ).
والجمهور على أنهما العظمان الناتئان في جنبتي (٢) الرجل.
__________________
(١) أخرجه مسلم كتاب «الطهارة» ، باب الذكر المستحب عقب الوضوء ، حديث (٢٣٤) ، وأحمد (١ / ١٩ ، ٤ / ١٤٥ ـ ١٤٦ ، ١٥٣) وأبو داود (١ / ٢٩) كتاب «الطهارة» ، باب ما يقول الرجل إذا توضأ حديث (١٦٩ ، ١٧٠) ، والنسائي (١ / ٩٢ ـ ٩٣) كتاب «الطهارة» ، باب القول بعد الفراغ من الوضوء ، والدارمي (١ / ١٨٢) كتاب «الطهارة» ، باب القول بعد الوضوء ، وأبو يعلى (١ / ١٦٢) رقم (١٨٠)
(٢) والكعبان هما : العظمان الناتئان ، من جانبي القدمين ، عند مفصل الساق والقدم. هذا مذهب الشافعية ، وبه قال الجمهور من المفسرين ، وأهل الحديث ، وأهل اللغة ، والفقهاء.
وقال محمد : الكعب : هو موضع الشّراك على ظهر القدم ؛ وحكى هذا عن أبي يوسف ، وبه قالت الإمامية من الشيعة ، وقيل عنهم : قالوا : في كل رجل كعب واحدة «وهي عظم مستقر في وسط القدم». وقال الفخر الرازي : إن الكعب عند الشيعة : عبارة عن عظم مستدير ، موضوع تحت عظم الساق ، حيث يكون مفصل الساق والقدم.
ودليلنا عليهم : الكتاب ، والسنة ، والإجماع ، واللغة ، والاشتقاق : أما الكتاب : فقوله تعالى : (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) [المائدة : ٦] وهذا يقتضي أن يكون في كل رجل كعبان ، وهو لا يكون إلا على مذهبنا ، فلو كان في كل رجل كعب واحدة ـ كما قالوا ـ لقال : «إلى الكعاب» كما قال : (إِلَى الْمَرافِقِ) [المائدة : ٦].
وأمّا السّنة : أولا : ما رواه مسلم ، عن عثمان ـ رضي الله تعالى عنه ـ في صفة وضوء رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «فغسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثمّ اليسرى كذلك».
ثانيا : ما رواه أبو داود ، والبيهقي ، وغيرهما بأسانيد جيدة ، عن النعمان بن بشير ـ رضي الله عنه ـ أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أقبل علينا بوجهه ، وقال : «أقيموا صفوفكم» فلقد رأيت الرّجل منّا يلصق كعبه بكعب صاحبه ، ومنكبه بمنكبه» ، وموضع الدلالة منه : قوله : «يلصق كعبه بكعب صاحبه» وهذا لا يكون إلا في الكعب الذي قلنا.
ثالثا : ما روي : أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال لجابر بن سليم رضي الله عنه : «ارفع إزارك إلى نصف الساق ، فإن أبيت فإلى الكعبين» ، فدل على أن الكعبين أسفل الساق ، لا ما قالوا من ظاهر القدم.
وأما الإجماع : فما قال الشافعي في «الأم» : «ولم أسمع مخالفا في أن الكعبين اللذين ذكر الله عزوجل : في الوضوء الكعبان الناتئان ، وهما مجمع مفصل الساق والقدم.
وأما اللغة : فقال الماورديّ : حكي عن قريش كلهم ، ولا يختلف لسانهم ـ أن الكعب : اسم للناتىء بين الساق والقدم ، قال : وهم أولى بأن يعتبر لسانهم في الأحكام من أهل «اليمن» ؛ لأن القرآن نزل بلغتهم. وأما الاشتقاق : فهو أن الكعب : اسم لما استدار وعلا ، وهو مشتق من التكعب ، وهو النتوء مع الاستدارة ؛ ولذلك قالوا : كعب ثدي الجارية ، إذا استدار وعلا ، ويقال : جارية كاعب ، إذا أنهد ثديها ـ