أحدهما : من ينصرني في السّبيل إلى الله.
والثاني : أن يكون التقدير : من يضيف نصرته إلى نصرة الله لي ، فإلى دالّة على الغاية في كلا التقديرين ، وليس يباح أن يقال : «إلى» بمعنى «مع» ؛ كما غلط في ذلك بعض الفقهاء في تأويل قوله تعالى : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) [المائدة : ٦] ، فقال : «إلى» بمعنى «مع» ، وهذه عجمة.
والحواريّون قوم مرّ بهم عيسى صلىاللهعليهوسلم ، فدعاهم إلى نصره واتباع ملّته ، فأجابوه ، وقاموا بذلك خير قيام ، وصبروا في ذات الله ، واختلف ، لم قيل لهم حواريّون؟ فقال ابن جبير : لبياض ثيابهم (١) ، وقال أبو أرطاة : لأنّهم كانوا قصّارين يحورون الثّياب ، أي : يبيّضونها (٢) ، وقال قتادة : الحواريّون : أصفياء الأنبياء الّذين تصلح لهم الخلافة (٣) ، وقال الضّحّاك نحوه (٤) ، قال ع (٥) : وهذا القول تقرير حال القوم ، وليس بتفسير اللّفظة ، وعلى هذا الحدّ شبه النبيّ صلىاللهعليهوسلم ابن عمّته بهم في قوله : «وحواريّي الزّبير».
والأقوال الأول هي تفسير اللفظة ؛ إذ هي من الحور / ، وهو البياض ، حوّرت الثّوب : بيّضته ؛ ومنه الحواري ، وقد تسمّي العرب النّساء السّاكنات في الأمصار : الحواريّات ؛ لغلبة البياض عليهنّ ؛ ومنه قول أبي جلدة اليشكريّ (٦) : [الطويل]
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٢٨٥) برقم (٧١٢٠) ، وذكره الماوردي في «تفسيره» (١ / ٣٩٥) ، وابن عطية في «تفسيره» (١ / ٤٤٢)
(٢) أخرجه الطبري (٣ / ٢٨٥) برقم (٧١٢١) وذكره ابن عطية في «تفسيره» (١ / ٤٤٢)
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٢٨٥) برقم (٧١٢٢) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (١ / ٣٠٦) ، وابن عطية في «تفسيره» (١ / ٤٤٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٦٣) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن قتادة.
(٤) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (١ / ٤٤٢)
(٥) ينظر : «المحرر الوجيز» (١ / ٤٤٢)
(٦) أبو جلدة بن عبيد الله اليشكري ، من بني عدي بن جشم ، من يشكر ، شاعر نعته ابن قتيبة ب «الخبيث» ، كان مولعا بالشراب ، من أهل «الكوفة». خرج مع ابن الأشعث (عبد الرّحمن بن محمد) وقتله الحجاج ، وقيل : مات في طريق «مكة». له شعر وأخبار ، وكان يهاجي زيادا الأعجم ، وفي حماسة ابن الشجري قصيدة له في تحريض أهل العراق على الثورة بعد قيام ابن الأشعث على الحجاج. ينظر : «الأعلام» (٢ / ١٣٣)