قال ع (١) : فقول ابن عباس : هي وفاة موت لا بدّ أن يتمّم إما على قول وهب بن منبّه ، وإما على قول الفرّاء.
وقوله تعالى : (وَرافِعُكَ إِلَيَ) عبارة عن نقله من سفل إلى علو ، وأضافه الله سبحانه إضافة تشريف ، وإلا فمعلوم أنه سبحانه غير متحيّز في جهة ، (وَمُطَهِّرُكَ) ، أي : من : دعاوى الكفرة ومعاشرتهم.
وقوله : (وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ ...) الآية : قال جمهور المفسّرين بعموم اللفظ / في المتّبعين ، فتدخل في ذلك أمة محمّد صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنها متّبعة لعيسى ؛ قاله قتادة وغيره (٢) ؛ وكذلك قالوا بعموم اللفظ في الكافرين ، فمقتضى الآية إعلام عيسى ـ عليهالسلام ـ ؛ أنّ أهل الإيمان به ، كما يجب ، هم فوق الذين كفروا بالحجّة ، والبرهان ، والعزّ والغلبة ، ويظهر من عبارة ابن جريج وغيره ؛ أنّ المراد المتبعون له في وقت استنصاره ، وهم الحواريّون (٣).
وقوله تعالى : (ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) خطاب لعيسى ، والمراد : الإخبار بالقيامة ، والحشر ، وباقي الآية بيّن ، وتوفية الأجور هي قسم المنازل في الجنّة ، فذلك هو بحسب الأعمال ، وأما نفس دخول الجنّة ، فبرحمة الله وتفضّله سبحانه.
وقوله تعالى : (ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ ...) الآية : «ذلك» : إشارة إلى ما تقدّم من الأنباء ، و (نَتْلُوهُ) : معناه : نسرده ، و (مِنَ الْآياتِ) : ظاهره آيات القرآن ، ويحتمل أن يريد : من المعجزات والمستغربات ؛ أن تأتيهم بهذه الغيوب من قبلنا ، وبسبب تلاوتنا ، و (الذِّكْرِ) : ما ينزل من عند الله. قال ابن عبّاس : الذّكر : القرآن ، و (الْحَكِيمِ) : الذي قد كمل في حكمته (٤).
(إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٦٠) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ)(٦١)
__________________
(١) ينظر «المحرر الوجيز» (١ / ٤٤٤)
(٢) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (١ / ٤٤٥)
(٣) ذكره ابن عطية (١ / ٤٤٥)
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٢٩٣) برقم (٧١٥٥) ، وذكره ابن عطية (١ / ٤٤٦)