وغيره : اجتمعت نصارى نجران ، وأحبار يهود عند النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فتنازعوا عنده ، فقالت الأحبار : ما كان إبراهيم إلّا يهوديّا ، وقالت النصارى : ما كان إبراهيم إلّا نصرانيّا / ، فأنزل الله الآية (١). ومعنى قوله تعالى : (فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) ، أي : على زعمكم ، وفسّر الطبريّ (٢) هذا الموضع ؛ بأنه فيما لهم به علم من جهة كتبهم ، وأنبيائهم ممّا أيقنوه ، وثبتت عندهم صحّته ، قال ع (٣) : وذهب عنه (رحمهالله) ؛ أنّ ما كان هكذا ، فلا يحتاج معهم فيه إلى محاجّة ؛ لأنهم يجدونه عند محمّد صلىاللهعليهوسلم ؛ كما كان هناك على حقيقته. قلت : وما قاله الطبريّ أبين ، وهو ظاهر الآية ، ومن المعلوم أن أكثر احتجاجاتهم إنّما كانت تعسّفا ، وجحدا للحقّ.
وقوله تعالى : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا ...) الآية : أخبر الله تعالى في هذه الآية عن حقيقة أمر إبراهيم ـ عليهالسلام ـ ، ونفى عنه اليهوديّة والنصرانيّة ، والإشراك ، ثم أخبر تعالى إخبارا مؤكّدا أن أولى النّاس بإبراهيم هم القوم الّذين اتّبعوه ، فيدخل في ذلك كلّ من اتبع الحنيفية في الفترات ؛ و (هذَا النَّبِيُ) : يعني : محمدا صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنه بعث بالحنيفيّة السّمحة ، و (الَّذِينَ آمَنُوا) : يعني : بمحمّد صلىاللهعليهوسلم ، وسائر الأنبياء ؛ على ما يجب ثم أخبر سبحانه ؛ أنه وليّ المؤمنين ؛ وعدا منه لهم بالنّصر في الدنيا والنعيم في الآخرة ؛ روى عبد الله بن مسعود ، عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ أنه قال : «لكلّ نبيّ ولاة من النّبيّين ، وإنّ وليّي منهم أبي وخليل ربّي إبراهيم» ، ثمّ قرأ : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ ...) الآية(٤).
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٣٠٣) برقم (٧١٩٨) ، وذكره ابن عطية (١ / ٤٥٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٧٢) ، وعزاه لابن إسحاق ، وابن جرير ، والبيهقي في «الدلائل» عن ابن عباس.
(٢) ينظر : «الطبري» (٣ / ٣٠٤)
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (١ / ٤٥١)
(٤) أخرجه الترمذي (٥ / ٢٢٣) ، كتاب «التفسير» ، باب من سورة آل عمران ، حديث (٢٩٩٥) ، والطبري في «تفسيره» (٦ / ٤٩٨ ـ شاكر) رقم (٧٢١٦) ، والطحاوي في «مشكل الآثار» (١ / ٤٤٤) ، والبزار كما في «تفسير ابن كثير» (١ / ٣٧٢) كلهم من طريق أبي أحمد الزبيري عن سفيان الثوري عن أبيه عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله بن مسعود به.
وأخرجه الحاكم (٢ / ٢٩٢) من طريق محمد بن عبيد الطنافسي عن سفيان عن أبيه عن أبي الضحى عن مسروق عن ابن مسعود به.
وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
وأخرجه الحاكم (٢ / ٥٥٣) من طريق الواقدي عن سفيان به.
وذكره ابن أبي حاتم في «العلل» (٢ / ٦٣) رقم (١٦٧٧) من طريق روح بن عبادة عن سفيان بهذا ـ