(وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٦٩) يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٧٠) يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(٧١)
وقوله تعالى : (وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ) ، قال مكّيّ : قيل : إن هذه الآية عني بها قريظة ، والنّضير ، وبنو قينقاع ، ونصارى نجران.
ص : قوله تعالى : (وَدَّتْ طائِفَةٌ) : ودّ : بمعنى تمنّى ، ويستعمل معها : «أن ، ولو» ، وربّما جمع بينهما نحو : «وددت أن لو فعل» ، ومصدره الودادة ، والاسم منه الودّ ، وبمعنى : أحبّ ، فيتعدّى كتعدّي أحبّ ، ومصدره : مودّة ، والاسم منه ودّ ، وقد يتداخلان في الاسم والمصدر اه.
وقوله تعالى : (وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) : إعلام بأن سوء فعلهم عائد عليهم ، وأنهم ببعدهم عن الإسلام هم الضالّون ، ثم أعلم تعالى ؛ أنهم لا يشعرون بذلك ، أي : لا يتفطّنون ، ثم وقفهم تعالى موبّخا لهم على لسان نبيّه ، والمعنى : قل لهم ، يا محمّد : لأيّ سبب تكفرون بآيات الله التي هي آيات القرآن ، وأنتم تشهدون ؛ أنّ أمره وصفة محمّد في
__________________
ـ الإسناد. ومن هذا نعلم أنه اتفق أبو أحمد الزبيري ومحمد بن عبيد وروح بن عبادة والواقدي على رواية هذا الحديث عن سفيان عن أبيه عن أبي الضحى عن مسروق عن ابن مسعود.
وقد خالفهم ابن مهدي ويحيى القطان وأبو نعيم ووكيع ، فرووه عن سفيان عن أبيه عن أبي الضحى عن ابن مسعود ، فأخرجه أحمد (١ / ٤٢٩ ـ ٤٣٠) من طريق عبد الرّحمن بن مهدي عن سفيان به.
وأخرجه (١ / ٤٠٠ ـ ٤٠١) من طريق وكيع عن سفيان به. والترمذي (٥ / ٢٢٤) من طريق وكيع أيضا.
وأخرجه الترمذي (٥ / ٢٢٣) كتاب «التفسير» ، باب من سورة آل عمران ، حديث (٢٩٩٥) ، والطبري في «تفسيره» (٦ / ٤٩٩ ـ شاكر) رقم (٧٢١٧) ، والحاكم (٢ / ٥٥٣) كلهم من طريق أبي نعيم عن سفيان به.
وقال الترمذي : هذا أصح من حديث أبي الضحى عن مسروق ، وأبو الضحى اسمه مسلم بن صبيح.
وأخرجه الخطيب (٤ / ٢٢٢) من طريق معاوية بن هشام عن سفيان به.
وقد رجح الترمذي رواية أبي الضحى عن ابن مسعود ، وكذلك رجحه أبو زرعة وأبو حاتم.
فقال ابن أبي حاتم في «العلل» (٢ / ٦٣) رقم (١٦٧٧) : سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه أبو أحمد الزبيري وروح بن عبادة عن سفيان الثوري عن أبيه عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «لكل نبي ولاة من النبيين ، وإن وليي منهم وخليلي أبي إبراهيم» ، ثم قرأ : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ). فقالا جميعا : هذا خطأ ؛ رواه المتقنون من أصحاب الثوري عن الثوري عن أبيه عن أبي الضحى عن عبد الله عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم بلا مسروق. ا ه.
وقد رجح الشيخ أحمد شاكر الطريقين في «تعليقه على الطبري» بكلام متين ، فلينظر.