وقرأ جمهور النّاس : «تدرسون» ؛ بضم الرّاء : من درس ، إذا أدمن قراءة الكتاب ، وكرّره.
وقرأ نافع وغيره : «ولا يأمركم» ؛ برفع الراء : على القطع (١) ؛ قال سيبويه : المعنى لا يأمركم الله ، وقال ابن جريج وغيره : المعنى : ولا يأمركم هذا البشر الذي أوتي هذه النعم ، وهو محمّد صلىاللهعليهوسلم (٢) ، وأما قراءة من نصب الراء ، وهو حمزة وغيره ، فهي عطف على قوله : (أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ) ، المعنى : ولا له أن يأمركم ؛ قاله أبو عليّ وغيره (٣) ، وهو الصواب ، لا ما قاله الطّبريّ (٤) ؛ من أنّها عطف على قوله : (ثُمَّ / يَقُولَ) ، والأرباب ؛ في هذه الآية : بمعنى الآلهة.
(وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٨١) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٨٢) أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٨٣) قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٨٤) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ)(٨٥)
وقوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) : المعنى : واذكر يا محمّد إذ ، فيحتمل أن يكون أخذ هذا الميثاق ؛ حين أخرج بني آدم من ظهر آدم نسما ، ويحتمل أن يكون هذا الأخذ على كلّ نبيّ في زمنه ، ووقت بعثه ، والمعنى : إنّ الله تعالى أخذ ميثاق كلّ نبيّ ؛ بأنه ملتزم هو ومن آمن به الإيمان بمن أتى بعده من الرّسل ، والنّصر له ، وقال ابن عبّاس : إنما
__________________
(١) ينظر : «السبعة» (٢١٣) ، و «الكشف» (١ / ٣٥٠) ، و «الحجة» (٣ / ٥٧) ، و «معاني القراءات» (١ / ٢٦٤) ، و «حجة القراءات» (١٦٨) ، و «العنوان» (٨٠) ، و «إعراب القراءات» (١ / ١١٦) ، و «شرح طيبة النشر» (٤ / ١٦١) ، و «شرح شعلة» (٣١٩) ، و «إتحاف» (١ / ٤٨٣)
(٢) أخرجه الطبري بنحوه في «تفسيره» (٣ / ٣٢٧) برقم (٧٣٢٠) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (١ / ٣٢١) ، وابن عطية في «تفسيره» (١ / ٤٦٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» بنحوه (٢ / ٨٣) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر.
(٣) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (١ / ٤٦٣)
(٤) ينظر : «تفسير الطبري» (٣ / ٣٢٧)