هذا الحديث ، فقاله ، فحبسها الله عليه في الحال ، وكنت أنا مرّة مع جماعة ، فانفلتت منّا بهيمة ، فعجزوا عنها ، فقلته ، فوقفت في الحال بغير سبب سوى هذا الكلام. ا ه.
و (أَسْلَمَ) : معناه : استسلم ، عند الجمهور.
واختلفوا في معنى قوله : (طَوْعاً وَكَرْهاً) ، فقال مجاهد : هذه الآية كقوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [لقمان : ٢٥] فالمعنى : أنّ إقرار كلّ كافر بالصانع هو إسلام كرها (١) ، ونحوه لأبي العالية ، وعبارته : كلّ آدميّ ، فقد أقرّ على نفسه ؛ بأنّ الله ربّي ، وأنا عبده ، فمن أشرك في عبادته ، فهو الذي أسلم كرها ، ومن أخلص ، فهو الذي أسلم طوعا (٢).
قال ع (٣) : والمعنى في هذه الآية يفهم كلّ ناظر أنّ الكره خاصّ بأهل الأرض.
وقوله سبحانه : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ) : توقيف لمعاصري نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم من الأحبار والكفّار.
قوله تعالى : (قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ ...) الآية : المعنى قل يا محمّد ، أنت وأمّتك : (آمَنَّا بِاللهِ ...) الآية ، وقد تقدّم بيانها في «البقرة» ، ثم حكم تعالى في قوله : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ ...) الآية ؛ بأنه لا يقبل من آدمي دينا غير دين الإسلام ، وهو الّذي وافق في معتقداته دين كلّ من سمي من الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ ، وهو الحنيفيّة السّمحة ، وقال بعض المفسّرين : إن (مَنْ يَبْتَغِ ...) الآية ، نزلت في الحارث بن سويد (٤) ، قلت : وعلى تقدير صحّة هذا القول ، فهي تتناول بعمومها من سواه إلى يوم القيامة.
(كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللهُ
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٢ / ٣٣٤) برقم (٧٣٤٠) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (١ / ٤٦٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٨٥) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن جرير.
(٢) ذكره ابن عطية (١ / ٤٦٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٨٦). وعزاه لابن جرير ، وابن أبي حاتم.
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (١ / ٤٦٧)
(٤) الحارث بن سويد بن الصامت الأنصاري الأوسي ، ووقع لابن عبد البر الحارث بن سويد ، ويقال : ابن مسلم المخزومي ، ارتدّ ولحق بالكفار فنزلت : (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً).
ينظر : «الإصابة» (١ / ٦٧١ ـ ٦٧٢) ، «أسد الغابة» ت (٨٩٩)