الإشارة ، ومعلوم أنّ الكلام اذا كان من فضة فإنّ السكوت من ذهب.
ومن بين هؤلاء الشعراء الذين رفضوا السلطة ولم يرتدوا لباسها ويتلوّنوا بألوانها ، بل تمرّدوا عليها بصمتهم الذي دام طويلا ، هو الشاعر المبدع الاُستاذ صالح الظالمي ، فقد أصر على مقارعة النظام السابق بذلك الصمت على الرغم من محاولات النظام المتكررةِ بالترغيب والترهيب اللّين استخدمهما معه ، وحاول عبثاً طوال ثلاثين سنة استمالته ، ليحرز بذلك انتصاراً على الشعر والشعراء ، ولكنه فضّل الصمت ، ورفض إلّا أن يكون كما هو ، وإن كان ذلك على حساب كمية شعره.
غير أنّا نتأمل ـ بعد انقشاع الغُمَّة وزوال الكابوس الجاثم على الصدور ـ عودة الاُستاذ الظالمي ليزرع في رحم الحرية قصائده الجديدة والتي حلم بها عاشقوه ومريدوه.
والمكتبة الأدبيّة المختصّة ـ والّتي ما زالت حريصة على تكريم المبدعين ـ تضع بين يدي جمهورها الكريم (ديواني) للاُستاذ الظالمي ، وتجد بذلك سلوةً على ما فقدته المدرسةُ النجفيّة الأدبيّة في تلك السنوات العجاف من نهاية الستينات حتى الساعة الأخيرة لسقوط صنم بغداد.