النجف والشعر
النجف الأشرف ... هذه الأرض ذات الكبرياء العلوي ، إذا أخذتكَ فوق أديمها المبارك إلى الجانب الغربي فستجدها آخذة بالصعود وكأنّها معانقة النجوم ، وفي بداية مسيرتك كانت ثلاث رواب حالمة تغتسل مساء بضوء الثمر حتى ابيضت حصاها ، وسميت قديما بالذكوات البيض ، وتكاد تختفي ملامحها الآن ولم يبق منها إلا القليل القليل.
الأرض هذه ـ منذ البداية ـ ارض قاحلة ، لا تعمّد قدميها ينابيع الفرات الهادر ، ولا تركن لاهبة إلى حدّ القسوة ، وحين تبتعد عنها شتاء تكون باردة وكأنّها تلتصق بجبل جليديّ لا يرحم ، وفي هذين الحالين يتقلب في أجوائها أُناس يعشقون بقايا أسوارها المتآكلة ، وكأنّها مباهج فردوس تفيض سحرا وبهجة لم يمرّ بجانبها ، ثم يزداد تعلقهم بها كلما صهرتهم حرارة الشمس ، ووخزت جلودهم لذعة الشتاء ، ما دامت نفحات سيدهم أبي الحسن عليه السلام تغمرهم في الحالين.
وعلى هذه الأرض اللاهبة تنفتح عبقريات وتبنى عقول ، ثم تنطلق نحو الريادة ، فالعلوم الإسلامية بكل مستلزماتها منذ