كان هذا الانسان مجسدا لرسالة السماء ، لأن هذا الانسان تتحكم فيه سنن التاريخ ، ما ذا قال القرآن؟ قال (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ)(١). هنا أخذ يتكلم عنهم بوصفهم أناسا قال بأن هذه القضية هي في الحقيقة ترتبط بسنن التاريخ ، المسلمون انتصروا في بدر حينما كانت الشروط الموضوعية للنصر بحسب منطق سنن التاريخ تفرض أن ينتصروا ، وخسروا المعركة في أحد حينما كانت الشروط الموضوعية في معركة أحد تفرض عليهم أن يخسروا المعركة. (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ)(٢) لا تتخيلوا أن النصر حق إلهي لكم ، وإنما النصر حق طبيعي لكم بقدر ما يمكن أن توفروا الشروط الموضوعية لهذا النصر بحسب منطق سنن التاريخ التي وضعها الله سبحانه وتعالى كونيا لا تشريعيا ، وحيث أنكم في غزوة أحد لم تتوفر لديكم هذه الشروط ولهذا خسرتم المعركة. فالكلام هنا كلام مع بشر ، مع عملية بشرية لا مع رسالة ربانية. بلّ يذهب القرآن الى اكثر من ذلك ، يهدد هذه الجماعة البشرية التي كانت انظف واطهر جماعة على مسرح
__________________
(١) سورة آل عمران : الآية (١٤٠).
(٢) نفس الآية السابقة.