هذه الآية اذن تتحدث عن علاقة معينة بين القاعدة والبناء العلوي ، بين الوضع النفسي والروحي والفكري للانسان ، وبين الوضع الاجتماعي ، بين داخل الانسان وبين خارج الانسان ، فخارج الانسان ، يصنعه داخل الانسان ، مرتبط بداخل الانسان ، فاذا تغير ما بنفس القوم تغير ما هو وضعهم ، وما هي علاقاتهم وما هي الروابط التي تربط بعضهم ببعض.
اذن فهذه سنة من سنن التاريخ ، ربطت القاعدة بالبناء العلوي (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)(١). (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ)(٢). يستنكر عليهم ان يأملوا في ان يكون لهم استثناء من سنة التاريخ ، هل تطمعون ان يكون لكم استثناء من سنة التاريخ! وان تدخلوا الجنة وان تحققوا النصر ، وانتم لم تعيشوا ما عاشته تلك الامم التي انتصرت ودخلت الجنة من ظروف البأساء
__________________
(١) سورة الأنفال : الآية (٥٣).
(٢) سورة البقرة : الآية (٢١٤).