يزيحه وهو يعالج هذه النقطة بالذات.
ومن هنا أكد سبحانه وتعالى على أن المحور في تسلسل الأحداث والقضايا انما هو إرادة الانسان ، وسوف أتناول ان شاء الله تعالى بعد محاضرتين الطريقة الفنية في كيفية التوفيق بين سنن التاريخ وإرادة الانسان ، وكيف استطاع القرآن الكريم أن يجمع بين هذين الأمرين من خلال فحص للصيغ التي يمكن في اطارها صياغة السنة التاريخية ، سوف أتكلم عن ذلك بعد محاضرتين ، لكن يكفي الآن أن نستمع الى قوله تعالى (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)(١)(... وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً)(٢)(.... وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً)(٣) انظروا كيف أن السنن التاريخية لا تجري من فوق رأس الانسان بل تجري من تحت يده ، فان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وان لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا اذن هناك مواقف ايجابية للانسان تمثل حريته واختياره وتصميمه وهذه المواقف تستتبع ضمن علاقات السنن
__________________
(١) سورة الرعد : الآية (١١).
(٢) سورة الجن : الآية (١٦).
(٣) سورة الكهف : الآية (٥٩).