الرسول فقال «إنك سألتني وليس لي وأنه قد صار لي وهو لك» فنزلت يسألونك عن الأنفال ، الآية أخرجه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح وأخرجه مسلم في جملة حديث طويل يتضمن فضائل سعد ولفظ مسلم فيه. قال : «أصاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم غنيمة عظيمة وإذا فيها سيف فأخذته فأتيت به رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقلت نفلني هذا السيف فأنا قد علمت حاله فقال رده من حيث أخذته فانطلقت به حتى أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي فرجعت إليه فقلت أعطنيه قال فشد على صوته «رده من حيث أخذته فأنزل الله عزوجل» يسألونك عن الأنفال وقال ابن عباس : كانت المغانم لرسول صلىاللهعليهوسلم خاصة ليس لأحد فيها شيء وما أصاب سرايا المسلمين من شيء أتوه به فمن حبس منه إبرة أو سلكا فهو غلول وأما التفسير فقوله سبحانه وتعالى» يسألونك عن الأنفال» استفتاء يعني يسألك أصحابك يا محمد عن حكم الأنفال وعلمها وهو سؤال استفتاء لا سؤال طلب. وقال الضحاك وعكرمة : هو سؤال طلب وقوله عن الأنفال أي من الأنفال وعن بمعنى من. وقيل : عن صلة أي يسألونك الأنفال والأنفال هي الغنائم في قول ابن عباس وعكرمة ومجاهد وقتادة وأصله الزيادة سميت الغنائم أنفالا لأنها زيادة من الله عزوجل لهذه الأمة على الخصوص وأكثر المفسرين على أنها نزلت في غنائم بدر. وقال عطاء : هي ما شذ عن المشركين إلى المسلمين بغير قتال من عبد أو امرأة أو متاع فهو للنبي صلىاللهعليهوسلم يصنع فيه ما يشاء (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) أي : قل لهم يا محمد إن الأنفال حكمها لله ورسوله يقسمانها كيف شاؤوا واختلف العلماء في حكم هذه الآية فقال مجاهد وعكرمة والسدي هذه الآية منسوخة فنسخها الله سبحانه وتعالى بالخمس في قوله (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) الآية. وقيل كانت الغنائم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم يقسمها كيف شاء ولمن شاء ثم نسخها الله بالخمس. وقال بعضهم : هذه الآية ناسخة من وجه منسوخة من وجه وذلك أن الغنائم كانت حراما على الأمم الذين من قبلنا في شرائع أنبيائهم فأباحها الله لهذه الأمة بهذه الآية وجعلها ناسخة لشرع من قبلنا ثم نسخت بآياته الخمس وقال عبد الرحمن بن زيد إنها محكمة وهي إحدى الروايات عن ابن عباس ومعنى الآية على هذا القول قل الأنفال لله والرسول يضعها حيث أمره الله وقد بين الله مصارفها في قوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) الآية. وصح من حديث ابن عمر ، قال : بعثنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سرية فغنمنا إبلا فأصاب كل واحد منا اثني عشر بعيرا ونفلنا بعيرا نعيرا أخرجاه في الصحيحين فعلى هذا تكون الآية محكمة وللإمام أن ينفل من شاء من الجيش ما شاء قبل التخميس (فَاتَّقُوا اللهَ) يعني اتقوا الله بطاعته واتقوا مخالفته واتركوا المنازعة والمخاصمة في الغنائم (وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) أي أصلحوا الحال فيما بينكم بترك المنازعة والمخالفة وبتسليم أمر الغنائم إلى الله ورسوله (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) فيما يأمرانكم به وينهيانكم عنه (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) يعني إن كنتم مصدقين بوعد الله ووعيده قوله سبحانه وتعالى :
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤))
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) لما أمر الله سبحانه وتعالى بطاعته وطاعة رسوله في الآية المتقدمة ثم قال بعد ذلك إن كنتم مؤمنين لأن الإيمان يستلزم الطاعة ، بيّن في هذه الآية صفات المؤمنين وأحوالهم فقال سبحانه وتعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) ولفظة إنما تفيد الحصر والمعنى ليس المؤمنون الذين يخالفون الله ورسوله إنما المؤمنون الصادقون في إيمانهم الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم أي خضعت وخافت ورقت قلوبهم وقيل إذا خوفوا بالله انقادوا خوفا من عقابه. وقال أهل الحقائق : الخوف على قسمين : خوف عقاب وهو خوف العصاة ، وخوف الهيبة والعظمة وهو خوف الخواص ، لأنهم يعلمون عظمة الله عزوجل فيخافونه أشد