حفظة فيه رباطا والمرابطة إقامة المسلمين بالثغور للحراسة فيها وربط الخيل الجهاد من أعظم ما يستعان به.
روي أن رجلا قال لابن سيرين : إن فلانا أوصى بثلث ماله للحصون فقال ابن سيرين : يشتري به الخيل ويربطها في سبيل الله. وقال عكرمة : القوة الحصون ومن رباط الخيل يعني الإناث ووجه هذا أن العرب تربط الإناث من الخيل بالأفنية للنسل. وروي أن خالد بن الوليد كان لا يركب في القتال إلا الإناث لقلة صهيلها. وعن ابن محيريز قال : كانت الصحابة يستحبون ذكور الخيل عند الصفوف وإناث الخيل عند الشنات والغارات. وقيل : ربط الفحول أولى من الإناث لأنها أقوى على الكر والفر والعدو فكانت المحاربة عليها أولى من الإناث وقيل إن لفظ الخيل عام فيتناول الفحول والإناث فأي ذلك ربط بنية الغزاة كان في سبيل الله (ق) عن عروة بن الجعد البارقي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والغنيمة» (ق)
عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة» (خ) عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله وتصديقا بوعده فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة» يعني حسنات (ق) عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «الخيل ثلاثة هي لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر ، فأما الذي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله زاد في رواية لأهل الإسلام فأطال لها في مرج أو روضة فما أصابت في طيلها ذلك من المرج أو الروضة كان لها حسنات ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت له آثارها وأرواثها حسنات ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقيها كان ذلك له حسنات فهي لذلك الرجل أجر ورجل ربطها تغنيا وتعففا ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها فهي لذلك الرجل ستر ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء لأهل الإسلام فهي على ذلك وزر» وسئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الحمر فقال : ما أنزل عليّ فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره الطيل الحبل الذي يشد به الفرس وقت الرعي واستنان الجري والشرف الشوط الذي تجري فيه الفرس وقوله تغنيا يعني استغناء بها عن الطلب لما في أيدي الناس أما حق ظهورها فهو أن يحمل عليها منقطعا إلى أهله وأما حق رقابها فقيل : أراد به الإحسان إليها. وقيل : أراد به الحمل عليها فعبر بالرقبة عن الذات وقوله : نواء لأهل الإسلام النواء المعاداة يقال ناوأت الرجل مناوأة إذا عاديته.
وقوله تعالى : (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) يعني : تخوفون بتلك القوة وبذلك الرباط عدو الله وعدوكم يعني الكفار من أهل مكة وغيره. وقال ابن عباس : تحزنون به عدو الله وعدوكم وذلك لأن الكفار إذا علموا أن المسلمين متأهبون للجهاد مستعدون له مستكملون لجميع الأسلحة وآلات الحرب وإعداد الخيل مربوطة للجهاد خافوهم فلا يقصدون دخول دار الإسلام بل يصير ذلك سببا لدخول الكفار في الإسلام أو بذل الجزية للمسلمين.
وقوله تعالى : (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ) يعني وترهبون آخرين من دونهم اختلف العلماء فيهم فقال مجاهد : هم بنو قريظة ، وقال السدي : هم فارس وقال ابن زيد هم المنافقون لقوله تعالى : (لا تَعْلَمُونَهُمُ) لأنهم معكم يقولون بألسنتهم لا إله إلا الله (اللهُ يَعْلَمُهُمْ) يعني أنهم منافقون وأورد على هذا القول أن المنافقين لا يقاتلون لإظهارهم كلمة الإسلام فكيف يخوفون بإعداد القوة ورباط الخيل. وأجيب عن هذا الإيراد أن المنافقين إذا شاهدوا قوة المسلمين وكثرة آلاتهم وأسلحتهم كان ذلك مما يخوفهم ويحزنهم فكان في ذلك إرهابهم وقال الحسن : هم كفار الجن وصحح هذا القول الطبري قال : لأن الله تعالى قال لا تعلمونهم ولا شك بأن المؤمنين كانوا عالمين بعداوة قريظة وفارس لعلمهم بأنهم مشركون ولأنهم حرب للمؤمنين أما الجن فلا يعلمونهم الله يعلمهم يعني يعلم أحوالهم وأماكنهم دونكم ويعضد هذا القول ما روي «أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال هم الجن وأن الشيطان لا يخيل أحدا في داره فرس عتيق» ذكر هذا الحديث ابن الجوزي وغيره من المفسرين بغير إسناد وقال الحسن :