الآية المحكمة هي التي لا اشتباه فيها ولا اختلاف في حكمها أو ما ليس بمنسوخ ، والسنة القائمة هي المستمرة الدائمة التي العمل بها متصل لا يترك ، والفريضة العادلة هي التي لا جور فيها ولا حيف في قضائها. قال الفضيل بن عياض : عالم عامل معلم يدعى عظيما في ملكوت السموات. وأخرجه الترمذي موقوفا وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه : «طلب العلم أفضل من صلاة النافلة» قوله سبحانه وتعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٢٣) وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ (١٢٥))
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ) أمروا بقتال الأقرب فالأقرب إليهم في الدار والنسب قال ابن عباس : مثل قريظة والنضير وخيبر ونحوها. وقال ابن عمر : هم الروم لأنهم كانوا مكان الشأم والشأم أقرب إلى المدينة من العراق. وقال بعضهم : هم الديلم. وقال ابن زيد : كان الذين يلونهم من الكفار العرب فقاتلوهم حتى فرغوا منهم فأمروا بقتال أهل الكتاب وجهادهم حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية عن يد. ونقل عن بعض العلماء أنه قال : نزلت هذه الآية قبل الأمر بقتال المشركين كافة فلما نزلت : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) صارت ناسخة لقوله تعالى : (قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ) وقال المحققون من العلماء : لا وجه للنسخ ، لأنه سبحانه وتعالى لما أمرهم بقتال المشركين كافة أرشدهم إلى الطريق الأصوب الأصلح وهو أن يبدؤوا بقتال الأقرب فالأقرب حتى يصلوا إلى الأبعد فالأبعد وبهذا الطريق يحصل الغرض من قتال المشركين كافة لأن قتالهم في دفعة واحدة لا يتصور ، ولهذا السبب قاتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم أولا قومه ، ثم انتقل منهم إلى قتال سائر العرب ثم انتقل إلى قتال أهل الكتاب وهم : قريظة ، والنضير ، وخيبر ، وفدك ، ثم انتقل إلى غزو الروم في الشأم فكان فتح الشأم في زمن الصحابة ثم إنهم انتقلوا إلى العراق ثم بعد ذلك إلى سائر الأمصار لأنه إذا قاتل الأقرب تقوى بما ينال منهم من الغنائم على الأبعد.
قوله سبحانه وتعالى : (وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) يعني شدة وقوة وشجاعة والغلظة ضد الرقة. وقال الحسن : صبرا على جهادهم (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) يعني بالعون والنصرة.
قوله عزوجل : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً) يعني : وإذا أنزل الله سورة من سور القرآن فمن المنافقين من يقول يعني يقول بعضهم لبعض أيكم زادته هذه يعني السورة إيمانا يعني تصديقا ويقينا وإنما يقول ذلك المنافقون استهزاء وقيل : يقول ذلك المنافقون لبعض المؤمنين فقال سبحانه وتعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً) يعني تصديقا ويقينا وقربة من الله ، ومعنى الزيادة ، ضم شيء إلى آخر من جنسه مما هو في صفته فالمؤمنون إذا أقروا بنزول سورة القرآن عن ثقة واعترفوا أنها من عند الله عزوجل زادهم ذلك القرار والاعتراف إيمانا وقد تقدم بسط الكلام على زيادة الإيمان في أول سورة الأنفال (وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) يعني أن المؤمنين يفرحون بنزول القرآن شيئا بعد شيء لأنهم كلما نزل ازدادوا إيمانا وذلك يوجب مزيد الثواب في الآخرة كما تحصل الزيادة في الإيمان بسبب نزول القرآن كذلك تحصل الزيادة في الكفر وهو قوله سبحانه (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أي شك ونفاق سمي الشك في الدين مرضا لأنه فساد في القلب يحتاج إلى علاج كالمرض في البدن إذا حصل يحتاج إلى العلاج (فَزادَتْهُمْ) يعني السورة من القرآن (رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) يعني