سورة يونس
نزلت بمكة إلا ثلاث آيات وهي قوله سبحانه وتعالى : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) إلى آخر الثلاثة آيات قاله ابن عباس وبه قال قتادة. وفي رواية أخرى : عن ابن عباس أن فيها من المدني قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ) الآية ، وقال مقاتل : هي مكية إلا آيتين وهي قوله سبحانه وتعالى : (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ) والتي تليها وهي مائة وتسع آيات وألف وثمانمائة واثنتان وثلاثون كلمة وتسعة آلاف وتسعة وتسعون حرفا.
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (١))
قوله عزوجل : (الر) قال ابن عباس والضحاك معناه أنا الله أرى وقال ابن عباس في رواية أخرى : عنه الر وحم ون حروف الرحمن مقطعة وبه قال سعيد بن جبير وسالم بن عبد الله وقال قتادة : الر اسم من أسماء القرآن وقيل هي اسم للسورة وقد تقدم الكلام في معنى الحروف المقطعة في أول سورة البقرة بما فيه كفاية (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) المراد في لفظ تلك الإشارة إلى الآيات الموجودة في هذه السورة ويكون التقدير تلك الآيات هي آيات الكتاب وهو القرآن الذي أنزله الله إليك يا محمد وذلك أن الله عزوجل وعده أن ينزل عليه كتابا لا يمحوه الماء ولا تغيره الدهور. وقيل : إن لفظة تلك للإشارة إلى ما تقدم هذه السورة من آيات القرآن. والمعنى : أن تلك الآيات هي آيات الكتاب الحكيم ، وفيه قول آخر أن المراد بآيات الكتاب الكتب التي قبل القرآن حكاه الطبري عن قتادة. وروي عن مجاهد أنها التوراة والإنجيل فعلى هذا القول يكون التقدير أن الآيات المذكورة في هذه السورة هي الآيات المذكورة في التوراة أو الإنجيل والمراد من الآيات القصص المذكورة في هذه السورة وهذا وإن كان له وجه فهو ضعيف لأن التوراة والإنجيل لم يجر لهما ذكر قريب حتى يشار إليهما وقيل : إن المراد من الآيات حروف الهجاء التي منها الر سميت آيات لأنها افتتاح السور وسر القرآن (الْحَكِيمِ) يعني المحكم الحلال والحرام والحدود والأحكام. فعيل : بمعنى مفعول. وقيل : الحكيم بمعنى الحاكم فعيل بمعنى فاعل لأن القرآن حاكم يميز بين الحق والباطل ويفصل الحلال من الحرام. وقيل : حكيم بمعنى المحكوم فيه فيعمل بمعنى مفعول. قال الحسن : حكم فيه بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. وقيل : إن الحكيم هو الذي يفعل الحكمة والصواب فمن حيث إنه يدل على الأحكام صار كأنه هو الحكيم في نفسه.
(أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ (٢) إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا