المستقيم (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) قوله عزوجل (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) أي فأقم وجهك أنت وأمتك منيبين إليه لأن خطاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم يدخل فيه الأمة والمعنى راجعين إلى الله تعالى بالتوبة مقبلين إليه بالطاعة (وَاتَّقُوهُ) أي ومع ذلك خافوه (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) أي داوموا على أدائها في أوقاتها (وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً) أي صاروا فرقا مختلفة وهم اليهود والنصارى وقيل هم أهل البدع من هذه الأمة (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) أي راضون بما عندهم. قوله تعالى (وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ) أي قحط وشدة (دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) أي مقبلين إليه بالدعاء (ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً) أي خصبا ونعمة (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ)
(لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤) أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (٣٥) وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ (٣٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٣٧) فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٣٨) وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩) اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٠) ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (٤٢))
(لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ) أي ليجحدوا نعمة الله عليهم (فَتَمَتَّعُوا) فيه تهديد ووعيد خاطب به الكفار (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) أي حالكم هذه في الآخرة (أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً) قال ابن عباس حجة وعذرا وقيل كتابا (فَهُوَ يَتَكَلَّمُ) أي ينطق (بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ) أي بشركهم ويأمرهم به (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً) أي الخصب وكثرة المطر (فَرِحُوا بِها) أي فرحوا وبطروا (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) أي جدب وقلة مطر وقيل خوف وبلاء (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) من السيئات إذا (هُمْ يَقْنَطُونَ) أي ييأسون من رحمة الله وهذا خلاف وصف المؤمن فإنه يشكر ربه عند النعمة ويرجوه عند الشدة (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) تقدم تفسيره. قوله عزوجل (فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) أي من البر والصلة (وَالْمِسْكِينَ) أي حقه وهو التصدق عليه (وَابْنَ السَّبِيلِ) أي المسافر وقيل الضيف (ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ) أي يطلبون ثواب الله بما كانوا يعملون (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) قوله عزوجل (وَما آتَيْتُمْ) أي أعطيتم (مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ) أي في اجتلاب أموال الناس واجتذابها قيل في معنى الآية هو الرجل يعطي غيره العطية ليثيبه أكثر منها فهو جائز حلال ولكن لا يثاب عليها في القيامة وهذا قوله (فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) وكان هذا حراما على النبي خاصة لقوله تعالى (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) أي لا تعط وتطلب أكثر مما أعطيت وقيل هو الرجل يعطي صديقه أو قريبه ليكثر ماله لا يريد به وجه الله. وقيل : هو الرجل يلتزق بالرجل فيخدمه ويسافر معه فيجعل ربح ماله لالتماس عونه لا لوجه الله تعالى فلا يربو عند الله لأنه لم يرد بعمله وجه الله (وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ) أي أعطيتم من صدقة (تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ) أي بتلك الصدقة (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) أي يضاعف لهم الثواب فيعطون بالحسنة عشر أمثالها فالمضعف ذو الأضعاف من الحسنات.
قوله تعالى (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) تقدم تفسيره. قوله تعالى (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) أي بسبب الشرك