وغادرتها ، وأن الذى نراه فى ظلمة الليل هو انبثاق ضوء من موقع مر به النجم وغادره ، وترك ضوءه يتحرك إلينا من ذلك الموقع.
ليس هذا فقط ، فالموقع يشير إلى كل من المكان والزمان ، فعظم الموقع يشير إلى تعاظم الزمن أى إلى قدم العمر ، وفعلا أثبت العلم أن مواقع النجوم قربا منا أو بعدا عنا تتناسب وأعمارها حداثة وقدما.
وكل من المكان والزمان سنة من سنن الله التى تمسك بأطراف هذا الكون بقوانين الجاذبية المنتشرة بين أجرام السماء ، قال تعالى : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) [فاطر : ٤١].
ومن سنن الله قوى الجاذبية ، والجاذبية تمسك بأطراف الكون ، وهى مرتبطة بالموقع أى بالعمق فى فسحة الكون (المعبر عنه بكل من المكان والزمان) وبكل من الكتلة والطاقة.
وهذا القسم المبهر بمواقع النجوم كان من الأهمية بمكان ؛ لأن رصد مواقع النجوم كان منطلق معرفة الناس بكيفية خلق الله للكون. والنجوم حين نظر إليها العلماء وبدءوا يدرسون مواقعها ويحددون صفاتها الطبيعية والكيميائية أدركوا أن الكون المحيط بنا كون دائم الاتساع ، فكيف أدركوا هذه الحقيقة؟ أدركوها عن طريق تجربة بسيطة أجريت على مصدر للضوء ينظر إليه فى منشور زجاجى ، يتحلل الضوء الأبيض عند اختراق هذا المنشور الزجاجى إلى أطياف سبعة (كل طيف له طول موجى) : الأحمر والبرتقالى والأصفر والأخضر والأزرق والنيلى والبنفسجى ، إذا تحرك مصدر الضوء متباعدا عن المشاهد تنحاز هذه الحزمة إلى الطيف الأحمر لأنه أقصر الأطياف.
وإذا كان مصدر الضوء ثابتا تأتى هذه الحزمة متماثلة للأطياف السبعة ، وإذا كان مصدر الضوء يتحرك قربا إلينا تنحاز إلى الطيف الأزرق ثم إلى البنفسجى ؛ لأنه أطول الأطياف.