كثافة عالية تجعله فى حالة حرجة ـ ينفجر هذا الجرم ويتحول إلى غلالة من الدخان ـ وهذا الدخان يخلق منه دوامات تجمع كمّا من المادة والطاقة حول مراكز الجاذبية ، ويظل هذا الكم من المادة والطاقة فى التكدس على ذاته حتى يتشكل بقدرة الله على هيئة أجرام السماء المختلفة.
هذه أكثر النظريات قبولا الآن عن نشأة الكون ، وتسمى «نظرية الانفجار العظيم ـ The Big Bang Theory» ومما يدعمها اتساع الكون الآن ، ومما يدعمها كذلك درجة الحرارة الثابتة على أطراف الجزء المدرك من الكون ، والتوزيع الحالى للعناصر المختلفة فى صفحة الجزء المدرك من الكون ، وتصوير الدخان الكونى على أطراف هذا الجزء المدرك.
والقرآن يصف هذه الحقيقة ، بقول الله تبارك وتعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) [الأنبياء : ٣٠].
والرتق فى اللغة عكس الفتق ، فالرتق هو الجمع والضم والتكديس ، وهو وصف دقيق للحالة التى كان عليها الكون فى الجرم الابتدائى الذى سبق عملية الانفجار العظيم ، أو هو عملية الرجوع بالاتساع إلى الوراء مع الزمن (مرحلة الرتق).
والفتق هو الانفجار والانتشار والانفصال (مرحلة الفتق وما يتبعها من توسع للكون).
هذه النظرية (نظرية الانفجار الكونى العظيم) التى لا يستطيع العلم التجريبى أن يصعد بها إلى مقام الحقيقة ؛ تبقى عند حد النظرية ، ولكن ورود إشارة لها فى كتاب الله قبل ألف وأربعمائة سنة يعطى هذا السبق للقرآن الكريم ، ويعطى هذه النظرية من الدعم ما يرتقى بها إلى مقام الحقيقة لمجرد وجود إشارة لها فى كتاب الله ، وعلى ذلك فإن كوننا قد بدأ بجرم أولى واحد (مرحلة الرتق) انفجر هذا الجرم (مرحلة الفتق) وتحول إلى غلالة من الدخان (مرحلة