(سورة الأنعام) (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) منّ الله علينا بهما.
هناك من يسأل : لما ذا منّ علينا بالظلمة؟ هل تجد فى ذلك شيئا من إعجاز القرآن؟
الدكتور زغلول النجار :
بارك الله فيك.
أولا : أقول إن القرآن يمايز بين الضياء والنور ، حتى نفهم ما هو النور. القرآن يعتبر أن كل إضاءة صادرة عن مصدر مشتعل ملتهب مضيء بذاته ضوءا ، فإذا سقط هذا الضوء على جسم معتم وانعكس منه أصبح نورا.
ولذلك يتحدث القرآن باستمرار عن الضياء والنور ، جعل الشمس ضياء والقمر نورا ؛ لأن الشمس جسم مشتعل فى ذاته ، والقمر جسم معتم فى ذاته يعكس هذا الضياء.
أقول : إن العلم التجريبى وهو فى قمة من قممه الآن ، لا يفرق بين الضياء والنور ، والقرآن الكريم الذى أنزل من أكثر من ١٤٠٠ سنة يفرق تفريقا واضحا بين الضياء والنور ، القرآن يتحدث عن الظلمة والنور ، أو الظلمات والنور كأن هناك أكثر من ظلمة واحدة. ويأتى العلم التجريبى ليؤكد على أن طبقة النور حول الأرض هى طبقة رقيقة للغاية لا يتعدى سمكها ٢٠٠ كم ، وهى فى النصف المواجه للشمس ، نصف الأرض المواجه للشمس ، باقى الكون ظلام دامس ، والنصف الآخر للأرض تتصل فيه ظلمة الأرض بظلمة السماء ، وضوء الشمس نفسه ليس بهذه الصناعة وليس بهذا البياض الذى يسمى نورا ، ولكنه حينما يدخل فى نطاق الغلاف الغازى للأرض ، ويبدأ يتشتت على جسيمات الذرات الصلبة فى الهواء وجزئيات بخار الماء ، يتحول هذا الضياء إلى نور ، ويضاء النهار إضاءة مبهرة تعين