سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) وكذلك تأتى الآية فى مقام التشبيه ، تشبيه موقف الكافر من الهداية الربانية.
وقال قدامى المفسرين : كأن الله يقول لنا فى هذه الآية ، لو صعدنا بهؤلاء الناس إلى عنان السماء وأطلعناهم على بديع صنع الله فى السماء والكواكب والكويكبات والشهب والنيازك والمذنبات ، لأنكروا رؤية ذلك ولتحاشوا الاعتراف بها كما أنكروا الهداية الربانية التى جاءتهم على سطح الكوكب.
ولكن هذه الآية الكريمة فيها من الأبهار العلمى ما يثير العقل ، القرآن يقول : (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ) والباب لا يفتح فى فراغ أبدا. والقرآن يؤكد على أن السماء بناء (بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) [الذاريات : ٤٧] ويتحدث عن البناء ، والبناء لا يمكن إلا أن يكون تجميعا للبنات يربطها رابط فيما بينها ، ويأتى العلم الحديث ليؤكد على أن المادة والطاقة تنتشران فى فسحة الجزء المدرك لنا من الكون انتشارا كاملا ، ولا يوجد شىء اسمه الفراغ.
كان العلماء فى القديم يقولون نظرا لتخلل الهواء مع الارتفاع حتى يكاد لا يدرك بعد ١٠٠٠ كم ، ويقولون بعد ذلك فراغ ، فيأتى العلم ليؤكد أنه لا يوجد فى الكون فراغ على الإطلاق ، والكون بناء محكم دقيق. ويقول علماء الفلك : إنه فى لحظة الانفجار العظيم ، امتلأ الكون بالمادة والطاقة ، فخلقت المادة والطاقة كما خلق المكان والزمان ، أى لا يوجد زمان بغير مكان ولا مكان بغير زمان ولا يوجد زمان ومكان بغير مادة وطاقة ، فالطاقة تملأ هذا الكون. فالآية تقول (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) هذا الظرف «ظلوا» يؤكد على ضخامة الكون وهذا الاستمرار ... (فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ).
الأستاذ أحمد فراج :
نقطة جميلة.