وطريق آخر : قد بيّن (١) أنّ الإمام وأمره ونهيه وإرشاده من مبادئ التطهير ، بل هو [بالعلّة] (٢) القربية أشبه ، فلا بدّ وأن يكون مطهّرا من سائر الرجس والخطأ وسائر الذنوب والعيوب والسهو والنسيان ، وهذا هو العصمة ؛ لأنّ تطهيره أولى من تطهير واحد لا يكون مبدأ.
ولكنّ إرادة التطهير في غيره [بالسوية] (٣) ، ويجمعهم في اللفظ ، فيكون التطهير له أولى. ولم يحتج الإمام إلى إمام ، وإلّا لزم التسلسل ، فلا بدّ وأن يكون معصوما.
وطريق آخر : لا نعمة أعظم من نصب إمام معصوم حافظ للشرع فيه الشرائط المذكورة ، فإن تخلّف الحكم فلعدم قبول المكلّف ، وهو من المكلّف لا من الله تعالى ، ويريد أن يتمّ نعمته علينا ويهمل [مثل] (٤) هذه النعمة (٥)؟! هذا محال.
الرابع والعشرون : قوله تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ* يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٦).
هذه الآية تدلّ على أنّه تعالى نصب أدلّة يقينية في الكتاب يهدي بها من اتّبع رضوانه واتّبع سبل السلام ، [وسبل السلام] (٧) هي الطريق التي يستفاد منها أحكام الله تعالى باليقين.
__________________
(١) بيّن ذلك في نفس هذا الدليل عند قوله : (اعلم أنّ طهارة النفس ...) ، وقوله : (من جملة إرادة التطهير ...).
(٢) في «أ» : (من علّة) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) في «أ» : (بالتسوية) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) من «ب».
(٥) في «أ» زيادة : (و) بعد : (النعمة) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٦) المائدة : ١٥ ـ ١٦.
(٧) من «ب».