فلو لا وجود الأوّل لزم أن يكون الله تعالى ناقضا لغرضه ، وهو محال بالضرورة ، تعالى عن ذلك.
فتعيّن وجود إمام معصوم في كلّ وقت.
السابع والعشرون : قوله تعالى : (أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (١).
وإنّما يكون البلاغ مبينا لو جعل فيه طريقا إلى العلم ، ولم يجعل طريقا غير المعصوم ، فتعيّن عليه النصّ على إمام معصوم.
الثامن والعشرون : قوله تعالى : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (٢).
بدأ الله تعالى بالخليفة قبل [الخليقة] (٣) ، والابتداء من الحكيم إنّما هو بالأهمّ ، فدلّ على أنّ الخليفة أهمّ ، فلا بدّ وأن يكون الخليفة أكمل من كلّ الخلق في القوّة العملية والعلمية وأشرفهم ، ومن يكون كذلك؟ وليس ذلك إلّا المعصوم.
التاسع والعشرون : فائدة الخليفة [تكميل] (٤) قوى العلم والعمل لسائر الخلائق ، و [تكميل] (٥) كلّ مستعد على قدر استعداده. ولمّا كانت مراتب الناس في الاستعداد متفاوتة في الكمال والنقصان وجب أن يكون المكمّل للكلّ الموصل كلّ مستعد إلى أقصى نهاية كماله كاملا في القوّتين العملية والعلمية (٦) ، واصلا في الكمال إلى أقصى نهاية الكمال البشري ، ولا يتحقّق ذلك مع غير العصمة ، فوجب أن يكون معصوما.
وهذا المعنى الموجب مشترك في كلّ خليفة لله تعالى في أرضه ، فيجب عموم الحكم لعموم العلّة ، وهذا مقتضى الحكمة الإلهية.
__________________
(١) المائدة : ٩٢.
(٢) البقرة : ٣٠.
(٣) في «أ» و «ب» : (الخليفة) ، وما أثبتناه للسياق.
(٤) في «أ» و «ب» : (تكمل) ، وما أثبتناه للسياق.
(٥) في «أ» و «ب» : (تكمل) ، وما أثبتناه للسياق.
(٦) في «ب» : (العلمية والعملية) بدل : (العملية والعلمية).