[ولأنّ] (١) السحر لا يضاف [إلّا إلى الكفرة والفسقة والشياطين فكيف يضاف] (٢) إلى الله تعالى ما نهى عنه ويتوعّد عليه بالعقاب؟ وهل السحر إلّا الباطل المموّه وقد أبطله الله تعالى في عدّة مواضع ، كما قال الله تعالى في قصّة موسى عليهالسلام : (إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ) (٣).
الثالث : أن [تكون] (٤) (ما) بمعنى الجحد ، ويكون معطوفا على قوله : (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ) (٥) ، كأنّه قال : لم يكفر سليمان ، ولم ينزل على الملكين [السحر ؛ لأنّ السحرة كانت تضيف السحر إلى سليمان وتزعم أنّه ممّا نزّل على الملكين] (٦) ببابل هاروت وماروت ، فردّ الله عليهم في القولين.
وقوله : (وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ) (٧) جحد أيضا ، أي [لا يعلّمان] (٨) أحدا ، بل ينهيان عنه أشدّ النهي.
وأمّا قوله تعالى : (حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ) ، أي ابتلاء وامتحان (فَلا تَكْفُرْ) (٩) ، وهو كقولك : ما أمرت فلانا بكذا حتى قلت له : لا تفعل ، ونهيته ، أو حتى قلت له : إن فعلت كذا نالك كذا. ومعناه : ما أمرته حتى حذّرته عنه.
الرابع : أنّ إنزال السحر لتعليم صفته ؛ لأنّه منهي عنه ، والنهي عن الشيء يستلزم [معرفته] (١٠) ؛ لاستحالة تكليف الله تعالى شخصا بأن يجتنب شيئا مجهولا مطلقا ؛ لأنّه يكون تكليفا بالمحال ، فإنّ النهي عن الشيء يستلزم العلم به.
__________________
(١) في «أ» : (لا) ، وما أثبتناه من «ب».
(٢) من «ب».
(٣) يونس : ٨١
(٤) من «ب».
(٥) البقرة : ١٠٢.
(٦) من «ب».
(٧) البقرة : ١٠٢.
(٨) من «ب».
(٩) البقرة : ١٠٢.
(١٠) في «أ» : (معرفة) ، وما أثبتناه من «ب».