لا يقال : إنّه تعالى ذمّ [الشياطين على تعليم السحر وجعله كفرا ؛ لقوله تعالى : (وَلكِنَ) (١) الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ (٢).
لأنّا نقول : الشياطين علّموا الناس [ليعملوا] (٣) به ويفسد في الأرض ؛ فلذلك ذمّهم الله تعالى.
الخامس : السحر لفظ مشترك بين معنيين :
أحدهما : ما [دقّ] (٤) ولطف وتعجب منه العقول والأذهان (٥) بقوله : «إنّ من البيان لسحرا» (٦).
وثانيهما : ما [يذمّ] (٧) فاعله ، وهو كلّ أمر يخفى سببه ويتخيّل على غير حقيقته ، ويجري مجرى التمويه والخداع.
وإذا أطلق ولم يقيّد أفاد ذمّ فاعله (٨) ، قال تعالى : (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ) (٩) ، يعني موّهوا عليهم.
فالمنزل على الملكين جاز أن يكون من القسم الأوّل ، وهو اختيار بعض الأصوليين (١٠).
__________________
(١) من «ب».
(٢) البقرة : ١٠٢.
(٣) في «أ» : (ليعلموا) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) في «أ» : (رقّ) ، وما أثبتناه من «ب».
(٥) انظر : الصحاح ٢ : ٦٧٩. لسان العرب ٦ : ١٨٩ ـ سحر.
(٦) الموطأ ٢ : ٩٨٦ ، ب ٣ ح ٧. سنن أبي داود ٤ : ٣٠٢ ، ح ٥٠٠٧.
(٧) في «أ» : (يدلّ) ، وما أثبتناه من «ب».
(٨) المصباح المنير : ٢٦٨ ـ سحر.
(٩) الأعراف : ١١٦.
(١٠) انظر : التفسير الكبير ٣ : ٢٠٥.