الرابع عشر : قوله تعالى : (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ* تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ* لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ* لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ) (١).
وجه الاستدلال يتوقّف على مقدّمات :
الأولى : أنّ الغاية معلولة بوجودها وعلّة بماهيّتها (٢) كالجلوس على السرير ، فإنّه علّة لفعل الصانع له ، ومعلول له.
الثانية : أنّ جعل ما ليس بعلّة علّة من الحكيم العالم به قبيح محال.
الثالثة : أنّه تعالى عالم بكلّ معلوم ، وهو حكيم.
الرابعة : اللّام في قوله (٣) : (لِتُنْذِرَ) لام الغاية ، وهو ظاهر.
إذا تقرّر ذلك فنقول : جعل الله تعالى ذا الغاية المذكورة ـ وهي الإنذار ـ أشياء :
أحدها : وجود المنذر.
وثانيها : أنّه مرسل.
وثالثها : [أنّه] (٤) عليهالسلام على صراط مستقيم.
ورابعها : أنّ ذلك الصراط المستقيم تنزيل العزيز الرحيم ، وكذا إرساله عليهالسلام.
فعرفنا أنّ الإنذار موقوف على هذه الأشياء.
أمّا توقّفه على نصبه تعالى إيّاه رسولا ؛ فلترجيح وجوب طاعته من بين بني نوعه ، ولدفع اعتراض المعترضين ، فإنّ كلامهم مع المماثلة في عدم نصبه تعالى أوجه من المماثلة في البشرية.
__________________
(١) يس : ٣ ـ ٧.
(٢) الإشارات والتنبيهات (الإلهيات) : ١٦. تجريد الاعتقاد : ١٣٧ ـ ١٣٨. كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : ١٣٢ ـ ١٣٣.
(٣) في «أ» زيادة : (أنّه) بعد : (قوله) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٤) من «ب».