ولا بدّ وأن يكون معصوما ، وإلّا لزم المحذور ؛ لأنّه لو جاز عليه السهو كما جاز على غيره ثبت المحذور ، وهو سدّ باب الحجّة على المكلّفين.
لا يقال : هذا مبنيّ على نفي حجية القياس والاستحسان ، أمّا على تقديرهما فلا.
لأنّا نقول : قد بيّنّا بطلان القياس في الكتب الأصولية (١) ، لكنّه جاز أن يكون هذا السهو في الأسباب والكفّارات و (٢) الحدود ، ولا يجوز القياس ولا الاستحسان فيهما (٣).
وهذا الدليل ذكره المرتضى رحمهالله (٤) : قال قاضي القضاة عبد الجبّار بن أحمد (٥) : يقال لهم : أتعلمون كون الإمام حجّة باضطرار؟ و [نقصهم] (٦) لا يؤثّر في ذلك.
فإن قالوا : نعم ، قيل لهم : فجوّزوا في سائر أمور الدين أن يعلموه [باضطرار] (٧) ، ولا يقدح [النقص] (٨) فيه.
وإن قالوا : بالاستدلال ، قيل لهم : [فنقصهم] (٩) يمنعهم من [قيامهم] (١٠) بما كلّفوه من الاستدلال على كونه حجّة.
فإن قالوا : نعم ، لزمت الحجّة الحاجة إلى إمام آخر لا إلى نهاية فيلزم التسلسل ، مع أنّهم لا يؤثّرون كما لا يؤثّر الواحد. فلا بدّ من القول بأنّه يمكنهم معرفة الحجّة والقيام [بتصديقه] (١١) من غير حجّة بين الإمام.
__________________
(١) مبادئ الوصول إلى علم الأصول : ٢١٤ ـ ٢١٦. تهذيب الوصول إلى علم الأصول : ٢٤٧ ـ ٢٥٠.
(٢) في «ب» : (أو) بدل : (و).
(٣) انظر : تهذيب الوصول إلى علم الأصول : ٢٦٥.
(٤) الشافي في الإمامة ١ : ١٤١ ـ ١٤٢.
(٥) المغني في أبواب التوحيد والعدل (الإمامة ١) : ٥٧ بتفاوت يسير.
(٦) في «أ» و «ب» : (نقضهم) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٧) في «أ» : (باضطراره) ، وما أثبتناه من «ب» والمصدر.
(٨) في «أ» و «ب» : (النقض) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٩) في «أ» و «ب» : (فنقضهم) ، وما أثبتناه من المصدر.
(١٠) في «أ» و «ب» : (المقام) ، وما أثبتناه من المصدر.
(١١) في «أ» و «ب» : (بتصرّفه) ، وما أثبتناه من المصدر.