ونصب الإمام ليقوم مقام الرسول عليهالسلام في إنذار الخلائق ، ويحصل للمكلّف به الغاية القصوى التي هي التقوى. وإنّما يتمّ ذلك بالعصمة ، فيجب عصمة الإمام.
السبعون : قوله تعالى : (وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (١).
الرحمة الموعودة في مقابلة الإنذار ليست بتفضّل ، والرحمة الموعودة هنا هي عدم العذاب بوجه من الوجوه ، وإنّما يتمّ أن لو علم من المبلّغ حجّته وأنّه معصوم في النقل والفعل وحجّية قوله. وإنّما يتمّ ذلك من المعصوم ، والإمام قائم مقامه فيه.
اعترض أبو عليّ الجبائي (٢) بأنّ الإمامية جوّزوا أن يكون الإمام مغلوبا بالجوارح وممنوا (٣) بالأعداء (٤) ، بل الواقع عندهم ذلك. فإن كان الغرض منه نفس وجود [إمام في الزمان] (٥) وإن لم يبلّغ ولم يقم بالأمور وصحّ ذلك ، فجاز أن يكون القائم بذلك جبرئيل أو بعض الملائكة المقرّبين في السماء ، ويستغنى عن [وجوده] (٦) في الأرض ؛ لأنّ المعنى الذي يطلب الإمام لأجله عندكم يقتضي ظهوره ، وإذا لم يظهر كان وجوده كعدمه ، وكان كونه في الزمان بمنزلة [كون] (٧) جبرئيل في السماء.
أجاب عنه السيّد المرتضى رحمهالله (٨) بأنّ الغرض لا يتمّ بوجود الإمام خاصّة ، بل مع وجوده بأمره ونهيه وتصرّفه وتمكّنه من إقامة الحدود والجهاد ؛ لأنّ بهذه الأمور
__________________
(١) الأعراف : ٦٣.
(٢) انظر : الشافي في الإمامة ١ : ٢٧٨ ـ ٢٧٩. المغني في أبواب التوحيد والعدل (الإمامة ١) : ٨١.
(٣) منيت به منيا ومنوا : بليت ، قال الجوهري : منوته ومنيته ، إذا ابتليته. ويقال : مني ببليّة أي ابتلي بها كأنّما قدّرت له وقدّر لها. الصحاح ٦ : ٢٤٩٨ ـ منا. لسان العرب ١٣ : ٢٠٢ ، ٢٠٥ ـ مني.
(٤) في «أ» زيادة : (بل الأعداء) بعد : (بالأعداء) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٥) في «أ» : (الإمام) ، وما أثبتناه من «ب».
(٦) في «أ» : (وجود) ، وما أثبتناه من «ب».
(٧) من «ب».
(٨) الشافي في الإمامة ١ : ٢٧٩ ـ ٢٨٠ بتفاوت يسير.