وأمّا [بيان حقّية] (١) المقدّم ؛ فلأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يخرج من الدنيا حتى صار أمر الدين كاملا [كما] (٢) قال الله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) (٣). والإمامة أعظم أركان الدين ، وهذا يقتضي أنّ أمر الإمامة قد تمّ قبل وفاته ، والأحكام التي قد ثبتت في زمانه ـ عليه الصلاة والسلام ـ قد نصّ عليها قطعا ، خصوصا فيما هو أعظم [أركان] (٤) الدين.
الثمانون : الإمام في اللغة عبارة عن الشخص الذي يؤتمّ به ويقتدى (٥) ، كالرداء أنّه اسم لما يرتدى به ، واللحاف اسم لما يلتحف به.
إذا ثبت ذلك فنقول : لو (٦) جاز الذنب على الإمام ، فحال الإقدام على الذنب إمّا أن يقتدى به ، أو لا يقتدى به.
فإن كان الأوّل كان الله قد أمر بالذنب ، وإنّه غير جائز.
وإن كان الثاني خرج الإمام عن كونه إماما ؛ لأنّ المأموم إذا رأى ما علم حسنه فعله ، وإذا رأى ما علم قبحه لم يفعله ، فحينئذ لا يكون متّبعا ولا مقتديا به ، بل يكون متّبعا للدليل ، وذلك يقدح في كونه إماما.
فثبت أنّ الخطأ على الإمام غير جائز.
الحادي والثمانون : لو جاز الذنب على الإمام لزم أحد محالات خمسة :
إمّا عدم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أو توقّف فعله على المحال ، أو الدور ، أو اجتماع النقيضين ، أو استلزام وجود المعلول بدون علّته.
واللازم بأقسامه باطل ، فالملزوم مثله.
__________________
(١) في «أ» : (حقيقة بيان) ، وما أثبتناه من «ب».
(٢) من «ب».
(٣) المائدة : ٣.
(٤) في «أ» : (الأركان) ، وما أثبتناه من «ب».
(٥) انظر : لسان العرب ١ : ٢١٣ ـ ٢١٤ ـ أمم. المصباح المنير ١ : ٢٣ ـ أمم.
(٦) في «أ» و «ب» زيادة : (كان) بعد : (لو) ، وما أثبتناه للسياق.