المرتبة الرابعة : نفي الفسوق.
المرتبة الخامسة : نفي العصيان ، وهو عامّ ؛ لأنّ نفي الماهية لا يتمّ إلّا بنفي جميع جزئياتها.
فإذا كان الراشد من كملت هذه المراتب فيه بإرسال النبيّ ونصب الإمام الذي هو نائبه وقائم مقامه لإرشاد الخلائق وحملهم على هذه المراتب كلّها ، فلا بدّ وأن يكون النبيّ والإمام راشدين ؛ حتى تتمّ دعوتهما ، ولا يحتاجان إلى غيرهما.
ولا تنقطع حاجة (١) من ليس فيه هذه الصفات إلّا بمن تكمل هذه الصفات فيه ، وإلّا لزم له تسلسل الحاجة ، وعلى تقدير التسلسل لا ينقطع الحاجة.
وهذا معنى العصمة بالضرورة ، فيكون الإمام معصوما.
الثاني : هذه المراتب هي الحقّ ، وهي الهداية الخالصة ، وهي المرتبة التي قال الله تعالى : (وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) (٢).
وحاجة الناس إلى الإمام ليهديهم ويحملهم عليها ، وبه وبامتثال أوامره ونواهيه واتّباع أقواله وأفعاله ينقطع حاجتهم ، ويحصل [لهم] (٣) الاستغناء ، فلو لم يكن فيه هذه الصفات المذكورة مجتمعة لم ينقطع الحاجة.
الثالث : قوله تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) يدلّ على انحصار الراشد في هؤلاء ؛ لأنّها صيغة الحصر ، وخصوصا مع التأكيد ، فغير هؤلاء ليسوا براشدين ، فالإمام إمّا راشد ، [أو ليس] (٤) براشد.
والثاني محال ؛ لأنّه لا شيء ممّن ليس [براشد] (٥) مرشد مطلقا بالضرورة ، وكلّ إمام مرشد مطلقا بالضرورة ، ينتج : لا شيء ممّن ليس براشد مطلقا بإمام بالضرورة.
__________________
(١) في «أ» زيادة : (إلى) بعد : (حاجة) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٢) الأنعام : ٨٢
(٣) في «أ» : (له) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) في «أ» : (فليس) ، وما أثبتناه من «ب».
(٥) في «أ» و «ب» : (بمراشد) ، وما أثبتناه للسياق.