وتبعية الإمام لا تؤدّي إلى شيء من هذه (١) الأشياء بالضرورة ، وإلّا لزم أحد أمور ثلاثة : إمّا نقض الغرض من نصب الإمام ، أو إفحام الإمام ، أو قبح التكليف بتبعيّته. والكلّ محال.
أمّا الملازمة ؛ فلأنّ الله تعالى إمّا ألّا يكلّف المكلّفين بامتثال شيء من أوامره ولا نواهيه ، فيلزم الأوّل ، وهو ظاهر.
أو يلزمهم بامتثالها في الكلّ ـ وهو غير معصوم ـ فيمكن أن يأمر بالقبيح وسفك [دماء] (٢) من لا يستحقّ ، كما شوهد وعلم من حكم غير المعصومين وادّعائهم الإمامة (٣) ، وتكليف الله تعالى المكلّف باتّباع مثل هذا! ويمكن أن يكون أمره بمعصية الله تعالى وترك واجب ، أو سفك دم [حرّمه] (٤) الله تعالى ، ويجب الاحتراز عن الضرر المظنون. وهذا ينافي التقوى ، [فيكون قد أمر الله تعالى بالتقوى وبما ينافي التقوى] (٥) ، وهذا قبيح ؛ لأنّه تكليف بما لا يطاق ؛ لأنّه جمع بين الضدّين ، فيلزم الأمر الثاني.
وإن كان [يكلّفه] (٦) باتّباع ما يعلم صوابه لا ما لا يعلمه صوابا ؛ لتحصل التقوى ، فيلزم إفحام الإمام ؛ لأنّه إذا قال للمكلّف : اتّبعني ، يقول له : لا أتّبعك حتى أعرف صواب فعلك (٧) [وأمرك] (٨) ، وإنّي لا أعلمه ، ولا طريق إلى علمه في كثير من
__________________
(١) في «أ» زيادة : (و) بعد : (هذه) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٢) في «أ» و «ب» : (الدماء) ، وما أثبتناه للسياق.
(٣) كمعاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية. انظر : تاريخ الطبري ٦ : ١٣١ ، ١٦٨ وما بعدها ، ٣٢٥ وما بعدها ، ٤٣٢. مروج الذهب ٣ : ٣ ، ٦ ، ٢١ ـ ٢٢ ، ٦١ ـ ٦٣ ، ٦٧ ، ٧١. الكامل في التاريخ ٣ : ٢١٠ ـ ٢١١ ، ٢١٩ ، ٢٢٩ ، ٢٣٣ ـ ٢٤٣ ، ٢٨٧ وما بعدها.
(٤) في «أ» : (حرّم) ، وما أثبتناه من «ب».
(٥) من «ب».
(٦) في «أ» : (تكليفه) ، وما أثبتناه من «ب».
(٧) في هامش «ب» : (قولك) خ ل ، بدل : (فعلك).
(٨) في «أ» : (بأمرك) ، وما أثبتناه من «ب».