الأحكام إلّا من قولك ؛ لوقوع الإجمال في القرآن والسنّة. فيلزم الدور ، فينقطع الإمام ويفحم ، وهو محال.
الثالث والسبعون : قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١).
وجه الاستدلال : قرّر الله تعالى هنا مقدّمتين :
إحداهما : أنّه تعالى عالم بكلّ معلوم.
والثانية : أنّه تعالى حكيم.
إذا تقرّر ذلك فنقول : هنا مقدّمات :
الأولى : جعل ما ليس بسبب سببا غلط لا يصدر من الحكيم.
الثانية : ما يفيد الظنّ لا يمكن أن [يجعل] (٢) سببا للعلم ، وإلّا لكان قد جعل ما ليس بسبب سببا.
الثالثة : إذا أراد الله تعالى شيئا ، وكان ذلك الشيء موقوفا على أسباب منه تعالى ، فإن لم يوجدها كان ناقضا لغرضه ، وهو على الحكيم محال قطعا.
إذا تقرّر ذلك فاعلم أنّ اليقين (٣) إنّما يكون بالعلم ، وهو فيما نحن بصدده كسبي ، وفي الشرعيات أكثره نقلي ، ومجملات القرآن وظواهره ومجملات السنّة وظواهرها لا يحصل العلم منها ، فإن لم يجعل الله تعالى طريقا إلى العلم [الكسبي] (٤) غيرها ؛ فإن جعلها سببا للعلم لزم أحد الأمرين (٥) :
__________________
(١) النساء : ٢٦.
(٢) في «أ» : (يكون) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) في «ب» : (النبيّين) بدل : (اليقين).
(٤) من «ب».
(٥) في «أ» زيادة : (و) بعد : (الأمرين) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».