فنقول : أحد الأمرين لازم : إمّا نفي الإمام دائما ، أو كون كلّ إمام معصوما ؛ لأنّه لو ثبت إمام وهو غير معصوم لنال عهد الله تعالى ظالما ، وهو مناف للآية ؛ لعمومها الأوقات ؛ لأنّ (نال) نكرة ، وكلّ [غير معصوم] (١) ظالم ؛ لأنّ قوله تعالى : (الظَّالِمِينَ) جمع معرّف باللّام ، فهو يعمّ ؛ لما تقرّر في الأصول (٢).
وثبوت منافي الآية محال ؛ لأنّ الكذب عليه تعالى محال بالضرورة ، فثبت لزوم الأمرين.
لكنّ الأوّل منتف بالضرورة ؛ لثبوت الإمام بإجماع الأمّة ، ولوقوعه بالضرورة.
فتعيّن الثاني ، وكيف لا ويستحيل اجتماع جزئي مانعة الخلو على الكذب (٣)؟!
لا يقال : هذا الدليل مبني على أنّ المراد بقوله تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) السلب العامّ ، لا سلب العموم وحده ، والخطاب [محتمل] (٤) لهما ، فترجيحكم لما ذكرتم ترجيح بلا مرجّح.
لأنّا نقول : مطلوب إبراهيم عليهالسلام في قوله : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) الموجبة الجزئية بالضرورة ، فإنّه لم يطلب أنّ كلّ ذرّيته يكونون أئمّة ، وقوله صريح في ذلك لا يحتاج إلى البيان ، فنفاها عن كلّ من ثبت له هذا الوصف ، فكأنّ إبراهيم طلب الإمامة لبعض ذرّيته ، وأطلق.
وكان شرط الإمام انتفاء هذا الوصف ؛ لأنّه يعاندها ، فنفى الله [تعالى عمّن] (٥) ثبت له هذا الوصف أنّه لا يصلح ، ونقيض الموجبة الجزئية السالبة الكلّية (٦) ، أعني : عموم السلب لا سلب العموم ، وهو المطلوب.
__________________
(١) من هامش «ب».
(٢) العدّة في أصول الفقه ١ : ٢٧٦. مبادئ الوصول إلى علم الأصول : ١٢٢. اللمع في أصول الفقه : ٢٦.
(٣) القواعد الجلية في شرح الرسالة الشمسية : ٢٧٨.
(٤) في «أ» : (يحتمل) ، وما أثبتناه من «ب».
(٥) في «أ» : (له من) ، وفي «ب» : (له في من) ، وما أثبتناه للسياق.
(٦) منطق المشرقيين : ٨١ ـ ٨٢ الجوهر النضيد : ٧٥.