فلو لا وجود المعصوم المبيّن للآيات الذي يحصل بقوله اليقين لم يحصل ما نيط به التقوى ، وجعله هو عبارة عن إزاحة العلّة ، وكان [للمكلّف] (١) يوم القيامة أن يقول : أمرتني بالتقوى وجعلت التقوى منوطة بالبيان ، ونهيتني عن اتّباع الظنّ ولم تجعل لي طريقا إلى البيان ، فثبت حجّته.
أمّا بيان بطلان [الثاني] (٢) فإنّه تعالى قال : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (٣).
السابع والثمانون : قوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ ...) الآية (٤).
نهى الله عزوجل عن شيئين :
أحدهما : أنّ علم المكلّف بالتحريم والوجوب لا يكفي عن صرفه عن الحرام و [فعله للواجبات] (٥).
وثانيهما : الفساد اللازم في الحكّام الذين ليسوا معصومين ، وهو شيئان :
أحدهما : [أنّهم] (٦) لا يرتدع بهم المكلّفون ، فلا مدخل لهم في اللطف ، ولا يتمّ اللطف بقولهم كما تقدّم.
وثانيهما : أنّهم يساعدون على الظلم وفعل المحرّمات ، فيحصل منهم ضدّ اللطف من الإمام ، فيكون ترك المكلّف على العلّة الطبيعية خيرا من نصب إمام غير معصوم.
وهذا التقرير كاف في وجوب عصمة الإمام.
__________________
(١) في «أ» : (المكلّف) ، وما أثبتناه من «ب».
(٢) في «أ» : (التالي) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) النساء : ١٦٥.
(٤) البقرة : ١٨٨.
(٥) في «أ» : (فصل عن الواجبات) ، وفي «ب» : (فعله بالواجبات) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب» والسياق.
(٦) في «أ» : (أنّ) ، وما أثبتناه من «ب».