لأنّا نقول : الجواب عن الأوّل : أنّ المحذور الضلال ، وهو ممكن الوقوع ، ممّن [هو] (١) غير واجب العصمة (٢) بالإمكان ، ومن غير المعصوم بالفعل واقع في الجملة منه بالفعل.
وأمّا صدور الإضلال من الله تعالى عند الإمامية (٣) والمعتزلة (٤) محال ، وأمّا عند أهل السنّة (٥) فجائز ، بل واقع ؛ لأنّ كلّ واقع فاعله الله تعالى عندهم ، فلو كان الإمام غير معصوم بالفعل كان الضلال فيه موجودا ، فعند أهل السنّة أنّه منه تعالى ، فيكون المقدّم واقعا.
وأمّا عند المعتزلة فالضلال هو المحذور ، سواء كان من الله تعالى أو من غيره ، فإنّه هو المستلزم للتالي.
وهو الجواب عن الثاني ، فإنّ المستلزم للتالي هو الضلال ، فإنّ الضال ليس على طريق الصواب في ضلاله ، فإذا كان الإمام ضالّا في شيء ما عرف منه أنّ عقله ونفسه لا يقتضي ركوب طريق الصواب ؛ لأنّ كلّ ما جاز مجامعة النقيضين فإنّه لا يصح أن يقتضي أحدهما بذاته ، بل بأمر زائد ، فإذا لم يعلم [حصوله له لم يعلم] (٦) ارتكابه لطريق الصواب ، وإذا جوّز المكلّف ذلك لم يبق له وثوق به.
وقد ذكر هذا البحث مرارا ، وهو بديهي.
__________________
(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) في «أ» و «ب» زيادة : (هو) ، وما أثبتناه للسياق.
(٣) انظر : تجريد الاعتقاد : ٢٠٢. كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : ٣٤٣. نهج الحق وكشف الصدق : ٧٥.
(٤) انظر : مقالات الإسلامية : ٢٦٢.
(٥) انظر : نهج الحق وكشف الصدق : ٧٥. كتاب تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل : ٣٧٦ ـ ٣٧٨. كتاب أصول الدين : ١٤١.
(٦) من «ب».