وبالجملة ، فجعل من هو غير مهتد هاديا قبيح بالضرورة.
الحادي عشر : الله جلّت عظمته وتقدّست أسماؤه مع الإمام بالضرورة ، ولا شيء من غير المعصوم الله معه بالإمكان ، فلا شيء من الإمام بغير معصوم ، فيلزم أن يكون الإمام معصوما ؛ لوجود الموضوع.
أمّا الصغرى ؛ فلأنّ الإمام متّق بالضرورة ؛ لأنّه يدعو الناس إلى التقوى ويحملهم عليها ويحرّضهم على ملازمتها ، ومن لم يكن متّقيا لا يصلح لذلك قطعا ، فالإمام متّق ، وكلّ متّق معه الله تعالى ؛ لقوله : (أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (١).
وأمّا الكبرى فظاهرة ؛ إذ معنى كونه معه نصرته إيّاه ، ورضاه عنه ، وهدايته إيّاه ، وكنفة (٢) النجاة له.
الثاني عشر : قال الله تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٣).
الإمام يدعو الناس إلى الأفعال ويعلّمهم إيّاها ويلزمهم بها [في كلّ الأزمان] (٤) ، و [في] (٥) كلّ الأحكام وفي كلّ الوقائع ، فهذه فائدة نصب الإمام ، فإمّا أن يكون هو كذلك ، أو لا.
والثاني محال ؛ لأنّ نصبه ينافي الحكمة ، ولأنّ الطباع مجبولة على أنّ الشخص يجب أن يكون أكمل من غيره مع الإمكان ، فلو لم يكن الإمام [متّصفا بهذه الصفات] (٦) لما أحبّها لغيره. وبالجملة فهذا ظاهر.
__________________
(١) البقرة : ١٩٥ ، التوبة : ٣٦ ، ١٢٣.
(٢) الكنف والكنفة : ناحية الشيء ، وناحيتا كلّ شيء كنفاه ، والجمع أكناف. وكنف الله : رحمته ، واذهب في كنف الله وحفظه أي في كلاءته وحرزه وحفظه. لسان العرب ١٢ : ١٦٩ ـ ١٧٠ ـ كنف.
(٣) التوبة : ٧١.
(٤) من «ب».
(٥) من «ب».
(٦) زيادة اقتضاها السياق.