الثامن والأربعون : إذا كان فعل صفة في محلّ لغرض وغاية يصدر من ذلك المحل عند فعل تلك الصفة ، فإمّا أن يعلم الفاعل أنّ ذلك المحلّ مع فعل تلك الصفة فيه يصدر منه [تلك الغاية ، أو يصدر منه] (١) ضدّ تلك الغاية أو يتحقّق نقيضها ، أو لا يعلم واحدا منهما.
والثالث محال على الله تعالى ، [والثاني بقسميه مناقض للغرض معدود من باب الخطأ لا يصدر من الحكيم ، فتعيّن الأوّل.
إذا تقرّر ذلك فنقول : الإمامة صفة من الله تعالى] (٢) و [تحقيقها] (٣) في محلّ معيّن ـ وهو الشخص المعيّن ـ فعل من لا يجوز عليه الخطأ ، إمّا من الله تعالى وهو الحقّ عندنا (٤) ، أو من أهل الإجماع عند المخالف (٥). والغرض منها حمل المكلّف على الحقّ وهدايته إلى الطريق الصحيح والصراط القويم ، فمتى علم الله تعالى أنّ الإمام يصدر منه ضدّ ذلك في وقت ما ، كانت إمامته في ذلك الوقت مناقضة للغرض ، خطأ لا يصدر من الله تعالى ، ولا من أهل الإجماع.
فتعيّن امتناع صدور ذلك منه في وقت من الأوقات ، فيكون معصوما.
لا يقال : هذا يدلّ على عصمته في التبليغ لا مطلقا.
لأنّا نقول : متى جاز الخطأ ومخالفة الشرع في شيء جاز مطلقا ، بل المعلوم قطعا أنّ من صدر منه خطأ يؤثر أن يتبعه غيره فيه ؛ لئلا يكون أفضل منه ، ويساويه في ذلك المقام.
__________________
(١) من «ب».
(٢) من «ب».
(٣) في «أ» : (تحقيقهما) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) النكت الاعتقادية (ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد) ١٠ : ٣٩. قواعد العقائد : ١١٠. تلخيص المحصّل : ٤٠٧. قواعد المرام في علم الكلام : ١٧٥ ، ١٨١.
(٥) انظر : كتاب تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل : ٤٤٢ وما بعدها. كتاب أصول الدين : ٢٧٩ ـ ٢٨١. الفرق بين الفرق : ٣٤٩. المحصّل : ٥٧٤. المواقف في علم الكلام : ٣٩٩.