أنّه لا يهديه أحد في زمان إمامته ، وإلّا لكان اتّباع ذلك أولى من اتّباعه ؛ لقوله تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (١) ، فقد أنكر على اتّباع المهتدي دون الهادي ووبّخ عليه.
وأمّا الكبرى : أمّا علمه بالأحكام ؛ فلأنّه لو جهل شيئا منها لاحتاج إلى هاد فيه ، ولو ظنّه فالظنّ متفاوت ، فكان الأقوى أولى [بالاتّباع] (٢) ، والعلم أولى ، [فإمّا أن] (٣) لا يحصل لأحد فيلزم عدم بيان الله تعالى حكما تكليفيا ، وهو محال. أو يحصل بغيره فيكون هاديا له ، فيكون هو (٤) واجب الاتّباع ، لكنّ هذا محال ؛ لقوله تعالى : (أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ).
وأمّا [امتناع] (٥) فعله للقبيح وتركه الواجب ، وإلّا لوجب على الرعية الإنكار عليه وأمره بالمعروف (٦) ، فتكون هاديا [له] (٧) ، لكنّه باطل بالآية.
الثالث والخمسون : قول الإمام وفعله وتركه وتقريره حجّة ؛ لقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٨) ، وعطف المفرد على معمول الفعل يقتضي تساويهما فيه ، والطاعة الواجبة للرسول هي متابعة قوله وفعله وتقريره ، فيجب أن يكون الإمام كذلك.
ولأنّ المفهوم من الطاعة الكلّية ذلك ، فإنّ غيرها طاعة جزئية ، وقوله وفعله وتقريره مقدّم على كلّ دليل ظنّي وعلى كلّ اجتهاد ؛ لأنّ [مجتهدا ما] (٩) إذا حصل له
__________________
(١) يونس : ٣٥.
(٢) في «أ» : (بالامتناع) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) في «أ» : (فإن) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) في «أ» زيادة : (أولى) بعد : (هو) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٥) في «أ» : (اتباع) ، وما أثبتناه من «ب».
(٦) في «أ» زيادة : (ونهيه) بعد : (بالمعروف) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٧) زيادة اقتضاها السياق.
(٨) النساء : ٥٩.
(٩) في «أ» : (يجتهد إمّا) ، وما أثبتناه من «ب».