والثالث باطل ؛ لأنّه يستحيل أن يأمر العباد بأن تسأله الهداية إلى طريق ثمّ يأمرهم بسلوك غيرها ولا يؤدّي إليها ، هذا مناقض للغرض ، فلا يصدر من الحكيم تعالى مجده.
لا يقال : هذا يدلّ على عصمته في التبليغ [لا على عصمته في] (١) غيره.
لأنّا نقول : يلزم أن يأمر الإمام بما لا يفعل في الجملة.
لكن يلزم أن تكون طريقته غير صراط مستقيم ؛ لقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ) (٢) ، ونحن قد قرّرنا (٣) أنّ طريقة الإمام صراط مستقيم.
التاسع والخمسون : قوله تعالى : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) (٤).
[نقول] (٥). هؤلاء إمّا ألّا يكون لهم وجود في الخارج أصلا ، [أو] (٦) يكون [وجودهم] (٧) متحقّقا.
والأوّل محال ؛ لاستحالة الأمر بسؤال الهداية إلى طريق المعدوم في الخارج ، وهو ضروري.
وإن كان لهم وجود فإمّا أن يكون الإمام منهم ، أو لا.
والثاني محال ؛ لاستحالة أمره تعالى عباده بأن يسألوه الهداية إلى طريقة قوم [لم يأمر عباده باتّباع طريقة] (٨) من ليس [منهم] (٩) ، واستحالة ذلك بديهي.
__________________
(١) من «ب».
(٢) الصف : ٢ ـ ٣.
(٣) قرّره في الدليل السابع والخمسين من هذه المائة.
(٤) الفاتحة : ٧.
(٥) في «أ» و «ب» : (فقول) ، وما أثبتناه للسياق.
(٦) في «أ» : (و) ، وما أثبتناه من «ب».
(٧) في «أ» : (وجود لهم) ، وما أثبتناه من «ب».
(٨) من «ب».
(٩) في «أ» : (لهم) ، وما أثبتناه من «ب».