الثالث : قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (١).
التقوى لا تتمّ إلّا بمعرفة الأحكام كما هي في نفس الأمر ، والعمل بما به يعلم ، والإخلاص.
والأوّل إمّا أن يحصل بالعقل ، أو بالنقل.
والأوّل عند أهل السنّة (٢) ليس بطريق صالح لشيء من الأحكام الشرعية (٣) ، وعند العدلية (٤) لا يعلم منه كلّ الأحكام ، بل القليل منها.
فلا بدّ من الثاني ؛ إمّا في الجميع على الرأي الأوّل ، أو في الأكثر على الرأي الثاني.
ولا بدّ وأن يكون ذلك النقل ممّا يفيد العلم اليقيني ، ولا يحصل لكثير من الناس من القرآن والسنّة ، وهو ظاهر متّفق عليه. فلا بدّ من مبيّن لذلك وللآيات المتشابهة ، ويكون عنده ظاهرها نصّا ، وكذا السنّة.
ولا يكفي ذلك ، بل لا بدّ وأن يتيقّن المكلّف صحة قوله وفعله ، وذلك لا يتحقّق إلّا [من] (٥) المعصوم.
والثاني وهو العمل بما يعلم (٦) الإمام لطف فيه ، فإنّه (٧) المقرّب إلى الطاعة والمبعّد عن المعصية ، فيتعيّن نصب الإمام المعصوم ، وإلّا لزم نقض الغرض ، فإنّ الحكيم إذا أراد شيئا فإن لم يفعل ما يتوقّف عليه ذلك الشيء إذا كان
__________________
(١) البقرة : ١٨٩.
(٢) في «أ» زيادة : (و) بعد : (السنّة) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٣) انظر : كتاب أصول الدين : ٢٠٥. اللمع في أصول الفقه : ١٢٩. ميزان الأصول ١ : ١٠٥ ـ ١٠٧. المحصول في علم أصول الفقه ١ : ١٦٧.
(٤) انظر : الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ٨٢٤ ـ ٨٢٦ تقريب المعارف : ٩٧ ـ ٩٨. الاقتصاد فيما يتعلّق بالاعتقاد : ٨٦ العدّة في أصول الفقه ٢ : ٧٥٩ ـ ٧٦٢.
(٥) من «ب».
(٦) في «ب» : (يعمل) بدل : (يعلم).
(٧) في «ب» : (لأنّه) بدل : (فإنّه).