فتعيّن الأوّل ، وهو أنّ التقوى [تحصل من متابعة الإمام. ولا يمكن إلّا اذا كان معصوما ، وهو ظاهر.
ولأنّ التقوى] (١) لا بدّ فيها من العلم اليقيني ، ولا يحصل من قول غير المعصوم قطعا ، فتعيّن أن يكون الإمام معصوما ، وهو المطلوب.
السادس : قوله تعالى : (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٢).
اعلم أنّ الله تعالى جدّه (٣) قد بيّن في هذه الآية أمورا :
الأوّل : النهي عن اتّباع خطوات الشيطان ، وهو عامّ في الأصول والفروع إجماعا ، الصغائر والكبائر.
وبالجملة : فهذه تحذير عامّ لكلّ ما نهى عنه وترك ما أمر به.
والثاني : أنّه تحذير عن الزلل بعد مجيء البيّنات ، وهي مأخوذة من البيان ، وهو ما يفيد العلم لمن [نظر] (٤) فيه ، وهذا من رحمة الله تعالى لعباده أنّه لا يؤاخذ قبل مجيء البيّنات ، فلا يقوم مقامه [ما] (٥) يفيد الظنّ. ولا تحذير في المظنون ؛ لأنّه قبل مجيء البيّنات ، والتقدير أنّ التحذير بعده.
والثالث : أنّه مطابق للنهي عن اتّباع الخطوات ، فكما أنّ ذلك عامّ فهذا أيضا عامّ في كلّ ما دخل تحت التحذير ، وهو ظاهر ، ولاستحالة الترجيح من غير مرجّح.
والرابع : أنّ مجيء البيّنات ليس من المكلّف ، بل النظر فيها والطاعة لها والانقياد إليها ، وسياق الكلام يدلّ عليه.
__________________
(١) من «ب».
(٢) البقرة : ٢٠٨ ـ ٢٠٩.
(٣) الجدّ : العظمة. وفي التنزيل العزيز : (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) ، قيل : جدّه عظمته ، وقيل : غناه. وقال مجاهد : جدّ ربّنا جلال ربّنا. لسان العرب ٢ : ١٩٩ ـ جدد.
(٤) في «أ» : (نظنّ) ، وما أثبتناه من «ب».
(٥) في «أ» : (لا) ، وما أثبتناه من «ب».