والخامس : أنّه يدلّ على مجيء البيّنات ، وإلّا لم يكن فيه فائدة ، وهو ظاهر أيضا.
والبيّنة العامّة وهي الدلالة المفيدة لليقين التي يمكن تحصيل العلم بها في كلّ الأحكام [هي] (١) الإمام المعصوم في كلّ زمان ؛ لأنّه إذا علم منه أنّه يمتنع عليه الخطأ والصغائر والكبائر ، ومعلوم صواب قوله وفعله وتركه ، حصل منه اليقين ، فيكون الله تعالى قد نصبه ، والتقصير من المكلّفين ، وهو المطلوب.
لا يقال : هذه الأدلّة كلّها مبنية على أنّ غير الإمام لا يقوم مقامه ، وهو ممنوع.
لأنّا نقول : الجواب من وجهين :
الأوّل : أنّ البحث إنّما هو في عصمة الإمام ، فإذا كان الإمام هو المؤدّي للأحكام لا يقوم غير عصمته مقامها ؛ لأنّ العلم بصحة أدائه وقوله إمّا أن يكون من العقل ، أو النقل.
فإن كان من العقل ، فإمّا بالضرورة ، أو بالنظر.
والأوّل لم يحصل في كلّ الناس ؛ لأنّ التقدير خلافه ، فلا بدّ من أحد (٢) الآخرين.
والنظر لا بدّ فيه من مقدّمة هي صدقه ، وإنّما يعلم بعد العلم [بعصمته] (٣) ، وهو ظاهر.
وأمّا النقل ، فإمّا أن يكون منه ، أو من إمام آخر.
والأوّل يستلزم الدور.
والثاني يستلزم التسلسل.
الثاني : أنّ المراد من الإمام إعلام الأحكام باليقين كما بيّنّا (٤) ، والإمارة
__________________
(١) في «أ» و «ب» : (وهو) ، وما أثبتناه للسياق.
(٢) في «أ» زيادة : (السؤال أمور من) بعد (أحد) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٣) في «أ» : (بصحّته) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) بيّنه في الدليل الثالث من هذه المائة.