وجه الاستدلال : أنّه بيّن في هذه الآية أشياء :
الأوّل : أنّ إصلاح الظاهر ظاهرا يعجب الناس حاله ، ويكون في نفس الأمر في غاية فساد الباطن.
الثاني : أنّه لا يصلح للولاية ؛ لقوله تعالى : (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها) ، فهذا تحذير من الله عن تولية هذا الموصوف بهذه الصفة.
الثالث : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) ، ومعناه أنّه في غاية صلاح الباطن ، [وأنّه] (١) لا يصدر منه معصية ؛ لأنّ شراء النفس من الشهوات المهلكة والإرادة المحرّمة إنّما يتحقّق بترك الصغائر والكبائر وفعل سائر [الواجبات] (٢).
[الرابع] : (٣) أنّ هذا مثل يصلح للولاية ؛ [لأنّ] (٤) ذكره عقيب النهي عن تولية الأوّل يدلّ على صحة تولية هذا.
الخامس : أنّ ذلك [لا] (٥) يعلم من صلاح الظاهر.
السادس : أنّ ذلك إنّما يعلمه الله ويعلمه غيره بتعليمه إيّاه.
إذا تقرّر ذلك فنقول : هذه الآية الكريمة المتقدّمة (٦) تدلّ على بطلان الاختيار ، وعلى أنّ الولاية من قبل الله تعالى ؛ لأنّه تعالى بيّن أنّ مانع الولاية ـ وهو الأوّل ـ قد لا يعلم ، وأنّه لا يجوز للنبيّ صلىاللهعليهوآله أن يولّيه إلّا بنصّ يوحى من الله تعالى ؛ لأنّه تعالى قد بيّن أنّ المانع قد يوجد [ولا يعلمه] (٧) النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وإنّما يعلمه الله تعالى ، والشرط لذلك ألّا يعلمه [إلّا] (٨) الله عزوجل ، وهو كونه من القسم الثاني.
__________________
(١) من «ب».
(٢) في «أ» : (الشرائع) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) من «ب».
(٤) في «أ» و «ب» : (لأنّه) ، وما أثبتناه للسياق.
(٥) من «ب».
(٦) في «ب» : (المقدّسة) بدل : (المتقدّمة).
(٧) في «أ» : (إلّا بعلمه) ، وما أثبتناه من «ب».
(٨) من «ب».