وقيل (١) : هي الأخذ بالأحوط ، فيفعل ما يحتمل أن يكون واجبا ، ويترك ما يحتمل أن يكون حراما. وهو مأخوذ ممّا ورد في الحديث أنّه قال صلىاللهعليهوآله : «لا يبلغ العبد درجة المتّقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا ممّا به البأس» (٢).
وقيل (٣) : التقوى هي الخشية ، فكلّ ما (٤) يحصل من تركه الخشية وجب فعله ، وكلّ ما حصل من فعله الخشية اجتنب.
فخلاصة الأقوال فيها راجعة إلى الأوّل.
الثانية : العبادات والدعوات كلّها توقيفية (٥).
الثالثة : أنّ الأمر بالتقوى لا يحسن إلّا بمقدّمتين :
إحداهما : أن يكون الآمر عالما بالسرائر وما يشتمل عليه الضمائر.
وثانيتهما : أن يجعل للمكلّف بالتقوى طريق يفيده العلم بكلّ ما هو حسن وقبيح وواجب ، وغير ذلك من الأحكام.
وأشار سبحانه إلى المقدّمة الأولى بقوله عقيب (٦) الأمر بالتقوى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٧).
وأشار إلى الثانية بقوله تعالى : (وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ) (٨) ، ولا يتمّ الوعظ إلّا بالعلم.
__________________
(١) انظر : التفسير الكبير (الفخر الرازي) ٢ : ٢٠.
(٢) سنن ابن ماجه ٢ : ١٤٠٩ ، ب ٢٤ ، ح ٤٢١٥. سنن الترمذي ٤ : ٥٤٧ ، ب ١٩ ، ح ٢٤٥١. المعجم الكبير ١٧ : ١٦٩. كنز العمّال ٣ : ٩١ ، ح ٥٦٤٢ ، باختلاف يسير.
(٣) التفسير الكبير ٢ : ٢٠.
(٤) في «أ» زيادة : (لا) بعد : (ما) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٥) انظر : المسائل الناصريات : ١٨٤. الخلاف ١ : ٩٤. السرائر ١ : ٢١٢. منتهى المطلب في تحقيق المذهب ٤ : ٣٨٧. مختلف الشيعة في أحكام الشريعة ٢ : ١٤٦.
(٦) في «أ» زيادة : (كلّ) بعد : (عقيب) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٧) البقرة : ٢٣١.
(٨) البقرة : ٢٣١.