إذا تقرّر ذلك فنقول : قد أمر الله تعالى بالتقوى ، وقد [ثبتت] (١) المقدّمة الأولى في علم الكلام (٢) بالبراهين والقرآن ، وهي علمه بكلّ معلوم ، فيجب تحقّق المقدّمة الثانية ، وهي جعل طريق للمكلّف إلى معرفة كلّ الأحكام باليقين ، وإلّا لزم نقض الغرض.
وهو إمّا عقلي ، أو نقلي ، أو هما.
والأوّل محال ، أمّا على قول الأشاعرة فظاهر (٣) ، وأمّا على قولنا (٤) ؛ فلأنّ العقل يستقلّ بأكثر الأحكام ، فكيف بالكلّ؟
والثاني والثالث ـ يعني أنّ بعض الأحكام يستفاد من [العقل ، وبعضها يستفاد من] (٥) النقل ، أو بعض مقدّماته عقلية وبعضها [نقلية] (٦) غير المقدّمات التي يستفاد منها صدق المنقول عنه ؛ لأنّه من الأصول ـ لا بدّ [فيهما] (٧) من المعصوم ؛ لأنّ الكتاب العزيز ـ شرّفه الله تعالى ـ وما وجد من السنّة لا يتمكّن كلّ أحد من المكلّفين من تحصيل العلم [بتخريج] (٨) الأحكام منهما ضرورة ، فلا بدّ من شخص يفيد قوله العلم ، وغير المعصوم ليس كذلك.
__________________
(١) في «أ» : (أثبت) ، وما أثبتناه من «ب».
(٢) قواعد المرام في علم الكلام : ١١٢.
(٣) لأنّهم يذهبون إلى أنّ الأحكام كلّها نقلية. كما مرّ في الدليل الثامن من هذه المائة. انظر : كتاب أصول الدين : ٢٠٥. اللمع في أصول الفقه : ١٢٩. ميزان الأصول ١ : ١٠٥ ـ ٢٠٧. المحصول في علم أصول الفقه ١ : ١٦٧.
(٤) انظر : الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ٨٢٤ ـ ٨٢٦ تقريب المعارف : ٩٧ ـ ٩٨. الاقتصاد فيما يتعلّق بالاعتقاد : ٨٦ العدّة في أصول الفقه ٢ : ٧٥٩ ـ ٧٦٢.
(٥) من «ب».
(٦) في «أ» : (عقلية) ، وما أثبتناه من «ب».
(٧) في «أ» و «ب» : (فيها) ، وما أثبتناه للسياق.
(٨) في «أ» : (يتحرج) ، وفي «ب» : (يتخرج) ، وما أثبتناه للسياق.